للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٨٠) باب النزول بمكة للحاج، وتوريث دورها]

٤٣٩ - (١٣٥١) حَدَّثَنِى أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلةُ بْنُ يَحْيَى، قَالا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّ عَلِىَّ بْنَ حُسَيْنٍ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ عَمْرَو بْنَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَخْبَرَهُ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ؛ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتَنْزِلُ فِى دَارِكَ بِمَكَّةَ؟ فَقَالَ: " وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ أَوْ دُورٍ؟ ".

وَكَانَ عَقِيلٌ وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ هُوَ وَطَالِبٌ، وَلمْ يَرِثْهُ جَعْفَرٌ وَلا عَلِىٌّ شَيْئًا؛ لأَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ، وَكَانَ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ كَافِرَيْنِ.

ــ

وقوله: " وهل ترك لنا عقيل من دار؟! ": فسره فى الحديث نفسه؛ لأنه اختص هو وطالب بميراث أبى طالب؛ لأنهما كانا كافرين حين مات ولم يرثه علىٌ ولا جعفر؛ لأنهما كانا مسلمين، ولا يرث المسلم الكافر. وهذا الحديث أصل فى هذا - أيضاً - ولم يختلف فيه فقهاء الأمصار إلا ما روى عن إسحاق وبعض السلف، وأجمعوا أن الكافر لا يرث المسلم، وهذا بيّن فيما ترك أبو طالب، وبقى النظر فى قوله: " بترك دارك "، فأجاب بما تقدم. فلعله أضاف الدار إليه لسكناه فيها، وكان أصلها لأبى طالب؛ لأنه كان الذى كفله، وكان أكبر بنى عبد المطلب بعد موت عبد المطلب، فاحتوى على أملاكه وحازها لسنّه وعادة الجاهلية (*)، ويحتمل أن عقيلاً كان قد باع جميعها وأخرجها عن أملاكهم، كما فعل أبو سفيان وغيره بدور من هاجر من المؤمنين، وكذلك قال الداودى: إن عقيلاً باع ما كان للنبى - عليه السلام - ولمن هاجر من بنى عبد المطلب. وقال محمد بن أبى صفرة: فى الحديث حجة بأن من خرج من بلده مسلماً، وبقى أهله وولده فى دار الكفر، ثم غزاها مع المسلمين - أن ما فيها من ولده وماله بحكم البلد، كما كانت دار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على حكم البلد، ولم ير نفسه أحق بها، وهذا مذهب مالك والليث.

قال القاضى: فمذهب هذا القائل: إن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما ترك النزول فيها لأنها ليست له، وهى كغيرها من دور مكة فى حقه، ولو أنه كان هذا لعلل به - عليه السلام - ولم يعلل بما تقدم من أنه لم يترك لهم عقيل داراً، وقد قيل: إنه إنما ترك - عليه السلام - النزول بها وكرهه؛ لأنه ترك ذلك حين هاجر لله، فلم يرجع فيما تركه لله، كما ذكر عن غير واحد من الصحابة فى هذا.

قوله: " هل ترك لنا عقيل من دار؟! ": دليل على بقاء ملك دور مكة لأربابها.


(*) قال معد الكتاب للشاملة: في المطبوعة: "وجازها لسنّة وعادة الجاهلية"، والصواب "وحازها ... "، والمعنى ورد في شرح السيوطي على مسلم (٣/ ٣٩٥)، وفيه: لِأَنَّهُ أكبر ولد عبد الْمطلب فاحتوى على أملاكه [وحازها وَحده لسنه على عَادَة الْجَاهِلِيَّة].

<<  <  ج: ص:  >  >>