للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٤٠) باب فى دعاء النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وصبره على أذى المنافقين

١١٦ - (١٧٩٨) حدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِىُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ - وَاللَّفْظُ لابْنِ رَافِعٍ - قَالَ ابْنُ رَافِعٍ: حَدَّثَنَا. وَقَالَ الآخَرَانِ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ - أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عُرْوَةَ؛ أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ حِمَارًا، عَلَيْهِ إِكَافٌ، تَحْتَهُ قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ، وَأَرْدَفَ وَرَاءَهُ أُسَامَةَ، وَهُو يَعوُدُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِى بَنِى الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ. وَذَاكَ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، حَتَّى مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ أَخْلاطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ، وَالْيَهُودِ، فِيهِمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبىٍّ، وَفِى الْمَجْلِسِ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ. فَلَمَّا غَشِيَتِ الْمَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ، خَمَّرَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَىٍّ أَنْفَهُ بِردَائِهِ، ثُمَّ قَالَ: لا تُغَبِّروُا عَلَيْنَا. فَسَلَّمَ عَلَيْهِمُ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ وَقَفَ فَنَزَلَ، فَدَعَاهُمْ إِلَى اللهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ. فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَىٍّ: أَيُّهَا الْمَرْءُ، لا أَحْسَنَ مِنْ هَذَا، إِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا، فَلا تُؤذِنَا فِى مَجَالِسِنَا، وَارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ، فَمَنْ جَاءَكَ مِنَّا فَاقْصُصْ عَلَيْهِ.

ــ

وقوله: " ركب النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حماراً عليه إكاف، تحته قطيفة فدكية ": كذا هى الرواية الصحيحة، صحفه بعضهم وقال مكان " فدكية ": " فركبه " ولا وجه له؛ لأنه قد ذكر ركوبه أولاً. وفدكية منسوبة إلى فدك. والإكاف بكسر الهمزة مثل الستر لليل.

قوله: " حتى مر بمجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين واليهود "، وذكر أنه سلم عليهم. واحتج به بعضهم فى جواز السلام على مجلس فيه المسلمون وغيرهم من الكفار، وهذا لا خلاف فيه. وعجاجة الدابة: ما ارتفع من غبار جوافرها.

وقوله: " فخمر عبد الله بن أبى أنفه " أى غطاه، ثم قال: " لا تغبروا علينا " مع ما هو أجفى من هذا فى الحديث الآخر.

وتسليم النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليهم ووقوفه ثم نزوله كما جاء فى الحديث. ودعاؤهم إلى الله - سبحانه - وتلاوته عليهم القرآن كل ذلك استئلافاً لهم، وطمعاً فى إسلامهم، وتبليغاً لما أمره الله تعالى به من ذلك. وفيه من الصبر على الأذى والحلم والإغضاء ما كان من خلقه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأدب الله - تعالى له بقوله: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُون} (١)، {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَح} (٢).

وقول ابن أبى: " لا أحسن من هذا، إن كان ما تقول حقاً فلا تؤذنا فى مجالسنا فمن جاءك منا فاقصص عليه ": كذا رواية الكافة بالمد، وكان عند القاضى أبى على: " لأحسن


(١) المزمل: ١٠.
(٢) المائدة: ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>