للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٣٢) باب فضائل القرآن وما يتعلق به]

[(٣٣) باب الأمر بتعهد القرآن، وكراهة قول نسيت آية كذا وجواز قول أنسيتها]

٢٢٤ - (٧٨٨) حدَّثنا أَبُو بَكر بْنُ أبى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلاً يَقْرَأُ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ: " يَرْحَمُهُ اللهُ، لَقَدْ أَذْكَرَنِى كَذَا وَكَذَا، آيَةً كُنْتُ أَسْقَطْتُهَا مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا ".

٢٢٥ - (...) وحدثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَمِعُ قِرَاءَةَ رَجُلٍ فِى المَسْجِدِ، فَقَالَ: " رَحِمَهُ اللهُ، لَقَدْ أَذْكَرَنِى آيَةً كُنْتُ أُنْسِيتُهَا ".

٢٢٦ - (٧٨٩) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ القُرْآنِ كَمَثَلِ الإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ،

ــ

وقوله - عليه السلام - فى الذى سمعه يقرأ: " لقد أذكرنى آية كذا " (١) وفى الحديث الآخر: " كنت أنسيتها " قد تقدم الكلام فيما يجوز على النبى - عليه السلام - من النسيان وجواز ذلك عليه ابتداءً عند جمهور المحققين فيما ليس طريقه البلاغ، واختلافهم فيما طريقه البلاغ والتعليم، لكنه لا يستديم ذلك عند من أجازه فيما كان طريقه البلاغ، بل يستذكره أو يُذكرُ به على كل حال، على خلاف بين أئمتنا، هل من شرط ذلك الفورُ؟ أو يصح على التراخى قبل انخرام مدته؟ وأما نسيان ما قد بلَّغه كمسألتنا فجائز، ولا مطعن فيه، وقد قال - عليه السلام -: " إنى لأنسى أو أُنَسَّى لأسُن " (٢)، وقد روى سهوه فى الصلاة وغير ذلك، وقد تقدم من هذا، وتقصينا هذا فى كتاب الشفاء.

وقول من ذهب من المتصوفة ومن توهم إلى أن النسيان لا يجوز عليه جملة، لا فيما طريقه البلاغ ولا فيما ليس طريقه البلاغ، وإنما يقع منه صورته عمداً ليَسُن، وهذا تناقضٌ وصورةٌ لا تتصور، وهو قول مردود، ولا أعلم مُقتدى به وملتفتاً إلى معرفته، استحسنه وأشار إلى تصويبه إلا الأستاذ أبا المظفر الإسفرايينى من شيوخنا، فإنه على تحقيقه وتدقيقه مال إلى هذا القول ورجَّحه على تناقضه وتباغضه.


(١) الذى فى المطبوعة: " لقد أذكرنى كذا وكذا، آيةً كُنْتُ أسقطتها من سورة كذا وكذا ".
(٢) مالك فى الموطأ، ك السهو، ب العمل فى السهو (٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>