للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(١٤) باب المستحاضة وغسلها وصلاتها]

٦٢ - (٣٣٣) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِى حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّى امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلا أَطهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلاةَ؟ فَقَالَ: " لا، إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِى الصَّلاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ

ــ

وقوله: " إنما ذلك عِرْقٌ ": دليل لنا على العراقيين فى أن الدم السائل من الجَسدِ، من فَصْدٍ وغيره، لاينقض الطهارة لقوله: " فاغسلى عنك الدّم وصلى "، وهذا أوضَحُ ما روى فى هذا الحديث، وهو قول عامة الفقهاء (١).

وقوله فى المستحاضة: " إذا أقبلت الحيْضَةُ فدَعى الصلاة ": اختلفت روايات أحاديث المستحاضةِ وألفاظها، وبيان ذلك يحتاج إلى بَسْط لا يتمكن هاهنا، واختلف أهل العلم فى المرأة إذا تمادى بها الدمُ بعد زمان الحيض، فأما مالك فقال: لا تزال بحكم الطاهر حتى يتغير الدمُ ويرجع إلى حال دَم الحيض فتترك الصلاة حينئذٍ - على تفصيلٍ فى المذهب هو مذكور فى كتب الفِقه. وقال المخالف (٢): إذا أتت أيام عادتها فى الصحة تركت الصلاة وإن لم يتغير الدم، وتعلق بظاهر هذا الحديث وبحديثٍ آخر هو أظهر منه، وهو قوله فى طريق آخر: " امكُثى قدر ما كانت تحبسُك حيضَتُكِ ثم اغتسلى وقال بعضهم: إذا جهلت أيامَ عادتها فى مقدارها ومَحلّها من الشهر فإنها تغتسل لكل صلاة وتصلى؛ لجواز أن تكون تلك الصلاة صادفت انقضاء حيضتها المعتادة، وتصوم رمضانَ وشهراً آخَرَ بعدَهُ؛ لجواز أن تكون فى كل يوم من أيام رمضان صادفت أيام حيضتها المعتادة، وإن كانت حاجَّةٍ طافت للإفاضةِ طوافين بينهما خمسة عشر يوماً.

قال القاضى: وقوله: " فإذا أقبلت الحيضَةُ فدعى الصلاة، فإذا أدبرت فاغسلى الدم عنكِ ثم صلى ": يُريد هُنا بالحيضةِ دَم الحيضة المعتادةِ، المخالف لدم الاستحاضةِ فى اللون


(١) قال ابن عبد البر: ولم يختلف رواةُ مالك فى إسناده ولفظه. قال: وقد رواه حمادُ بن زيد عن هشام بإسنادِهِ، فجوَّد لفظه، قال: فإذا أدبرت الحيضة فاغسلى عنك أثر الدم وتوضَّئى " فقيل لحماد: فالغُسْلُ؟ قال: ومن يَشُكّ أَنَّ فى ذلك غسلاً واحداً بعد الحيضة.
قال: وقال حماد: قال أيوبُ: أرأيتَ لو خرَج من جنبها دمٌ أتغتسل؟ الاستذكار ٢/ ٢١٧.
(٢) بدائع الصنائع ١/ ٢٤ وقد بين آراء الفقهاء فيما خرج من السبيلين فجعل الأحناف دم الاستحاضة موجباً للوضوء وخالفهم فى ذلك مالك والشافعى. المنتقى ١/ ١٢٧ وفيه أن المشهور من مذهب المالكية أن المستحاضة لا يجب عليها الوضوء، المغنى ١/ ٤٤٨ - ٤٥٠ وفيه آراء: تغتسل المستحاضة لكل صلاة أو تغتسل من ظهر إلى ظهر وهو رأى ابن المسيب وقال مالك. إنى أحسب رأى ابن المسيب من طهر إلى طهر ولكن دخله الوهم أو تتوضأ لكل صلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>