وقول عمر حين قبل الحجر:" لقد علمت أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أنى رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقبلك ما قبلتك ": فيه الاقتداء وترك الاعتراض على السنن بالعقول، وأن تقبيله الحجر ليس عبادة له بل لله تعالى؛ بامتثال أمره فيه، كأمره بسجود الملائكة لآدم، وشُرع مع ذلك التكبير للناس إظهاراً أن ذلك الفعل تذللاً له لا لغيره، أن التحسين والتقبيح إنما هو من قبل الشرع لا من قبل العقل، وأن كل ما جاء به الشرع فهو الحسن المحمود، وسر ذلك محض العبودية، وأن العبادات على ضربين: منها ما فُهم معناه وعلتها ومصلحتها، ومنها ما وضع لمجرد التعبد وامتثال الأمر وإطراح استعمال العقل وأكثر أمر الحج من هذا الباب؛ ولهذا جاء فى بعض التلبية:" لبيك بحجةٍ تعبداً ورقاً ".
ومعنى " لا تضر ولا تنفع ": أى بذاتك وقدرتك، وإن كان امتثال ما شرع فيه ينفع فى الجزاء عليه والثواب.