للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(١٠) باب إطعام المملوك مما يأكل، وإلباسه مما يلبس، ولا يكلفه ما يغلبه]

٣٨ - (١٦٦١) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ. قَالَ: مَرَرْنَا بِأَبِى ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ، وَعَلَيْهِ بُرْدٌ وعَلَى غُلَامِهِ مِثْلُهُ. فَقُلْنَا: يَا أَبَا ذَرٍّ، لَوْ جَمَعْتَ بَيْنَهُمَا كَانَتْ حُلَّةً. فَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ بَيْنِى وَبَيْنَ رَجُلٍ من إِخْوَانِى كَلَامٌ، وَكَانَتْ أُمُّهُ أَعْجَمِيَّةً، فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ، فَشَكَانِى إِلَى النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَلَقِيتُ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلَيَّةٌ ". قلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ سَبَّ الرِّجَالَ سَبُّوا أَبَاهُ وَأُمَّهُ. قَالَ: " يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ، هُمْ إِخْوَانُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ، وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ، وَلا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِيْنُوهُمْ ".

ــ

وقوله فى حديث آخر: وكان بينى وبين رجل من إخوانى كلام، وكانت أمه أعجمية فعيرته بأمه، وقول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له: " إنك امرؤ فيك جاهلية، هم إخوانكم، جعلهم الله تحت أيديكم " الحديث: فيه النهى عن التعيير بنقص الآباء، كما نهى عن الفخر بذلك، وأن الكل من فعل الجاهلية، كما قال - عليه الصلاة والسلام-: "كلكم بنو آدم، وآدم من تراب " (١).

وقد استدل بعضهم بأنه لا حد على من قذف عبدًا، وليس فيه دليل عليه؛ إذ ليس فيه أن الرجل كان عبدًا، بل قوله: " رجل من إخوانى ساببته"، وقوله "من سب الرجال سبوا أباه وأمه "، والأظهر أنه كان عربيًا ابن أمة، فعيره بها، ولو كان عبدًا أو مولى لغيره لسابه بأبيه ونفسه ولم يقتصر على أمه.

وليس فى تعييره ما يدل أنه كان قذفًا حتى يحتج به على ذلك، وإنما عيره بكون أمه، لكن قوله - عليه السلام -: " هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه ما يأكل " الحديث، يشعر بأنه كان عبدًا، وأن أبا ذر سماه رجلاً من إخوانى؛ لقوله - عليه السلام - له: " هم إخوانكم فمن كان أخوه تحت يده ".

وقوله: " فأطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما تلبسون ": حمله أبو ذر على ظاهره،


(١) أحمد ٢/ ٢٦١، ٥٢٤، من حديث أبى هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>