وقوله:" من تصبح بسبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سحر ولا سم "، وخص فى الرواية الأخرى ذلك مما بين لابتى المدينة، وعم التمر ولم يخص العجوة، وقال فى الحديث الآخر:" عجوة العالية شفاء أو ترياق أول البُكْرَةِ ": والعالية: ما كان من الحوائط والقرى والعمائر فى جهة المدينة العليا مما يلى نجد، والسافلة من الجهة الأخرى مما يلى تهامة، وأدنى العالية ثلاثة أميال، وأبعدها ثمانية أميال من المدينة. والعجوة: ضرب من جيد التمر.
قال الإمام: هذا مما لا يعقل معناه فى طريقة علم الطب، ولو صح أن يخرج لمنفعة التمر فى السم وجه من جهة الطب لم يقدر على [إظهار](١) وجه الاقتصار منه على هذا العدد [الذى هو](٢) السبع، ولا هذا الجنس الذى هو العجوة، ولعل هذا كان لأهل زمنه خاصة أو لأكثرهم؛ إذ لم يثبت عندى استمرار وقوع الشفاء بذلك فى زمننا غالباً، وإن وجدنا ذلك فى زمننا فى أكثر الناس حمل على أنه أراد وصف غالب الحال.
قال القاضى: تخصيصه - عليه السلام - ذلك بعجوة العالية وبما بين لابتى المدينة، يرفع هذا الإشكال، ويكون خصوصاً لها، كما وجد الشفاء لبعض الأدواء فى بعض الأدوية التى تكون في بعض البلاد دون ذلك الجنس فى غيره، لتأثير يكون فى ذلك من الأرض أو الهواء، والله أعلم.