للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٢٨) باب من فضائل أبى ذر رضى الله عنه]

١٣٢ - (٢٤٧٣) حدّثنا هَدَّابُ بْنُ خَالِد الأزْدِىُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ. قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: خَرَجْنَا منْ قَوْمِنَا غِفَارٍ، وَكَانُوا يُحَلُّونَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ، فَخَرَجْتُ أَناَ وَأَخِى أُنَيْسٌ وَأُمُّنَا، فَنَزَلْنَا عَلَى خَالٍ لَنَا، فَأَكْرَمَنَا خَالُنَا وَأَحْسَنَ إِلَيْنَا، فَحَسَدَنَا قَوْمُهُ. فَقاَلُوا: إِنَّكَ إِذَا خَرَجْتَ عَنْ أَهْلِكَ خَالَفَ إِلَيْهِمْ أُنَيْسٌ، فَجَاءَ خَالُنَا فَنَثَا عَلَيْنَا الَّذِى قِيلَ لَهُ. فَقُلْتُ: أَمَّا مَا مَضَى مِنْ مَعْرُوفِكَ فَقَدْ كَدَّرْتَهُ، ولا جِمَاعَ لَكَ فِيمَا بَعْدُ، فَقَرَّبْنَا صِرْمَتَنَا، فَاحْتَمَلْناَ عَلَيْهَا، وَتَغَطَّى خَالُنَا ثَوْبَهُ فَجَعَلَ يَبْكِى، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى نَزَلنَا بِحَضْرَةِ مَكَّةَ، فَنافَرَ أُنَيْسٌ عَنْ صِرْمَتِنَا وَعَنْ مِثْلِهَا، فَأَتَيَا الْكَاهِنَ، فَخَيَّرَ أُنيْسًا، فَأَتاَنَا أُنيْسٌ بِصِرْمَتِنَا وَمِثْلِهَا مَعَهَا.

قَالَ: وَقَدْ صَلَّيْتُ يَابْن أَخِى، قَبْلَ أَنْ أَلْقَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلاثِ سِنِينَ. قُلْتُ: لِمَنْ؟ قَالَ: للهِ. قُلْتُ: فَأَيْنَ تَوَجَّهُ؟ قَالَ: أَتَوَجَّهُ حَيْثُ يُوَجِّهُنِى رَبِّى، أُصَلِّى عِشَاءً حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ أُلْقِيتُ كَأَنِّى خِفَاءٌ، حَتَّى تَعْلُوَنِى الشَّمْسُ.

فَقَالَ أُنَيْسٌ: إِنَّ لِى حَاجَةً بِمَكَّةَ فَاكْفِنى، فاَنْطَلَقَ أُنَيْسٌ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ، فَرَاثَ عَلَىَّ، ثُمَّ جَاءَ فَقُلْتُ: مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: لَقِيتُ رَجُلاً بِمَكَّةَ عَلَى دِينِكَ، يَزْعُمُ أَنَّ اللهَ أَرْسَلَهُ. قُلْتُ: فَمَا يَقُولُ الناسُ؟ قَالَ: يَقُولُونَ: شَاعِرٌ، كَاهِنٌ، سَاحِرٌ. وَكَانَ أُنَيْسٌ أَحَدَ الشُّعَرَاءِ.

ــ

قال الإمام: قوله: " فَنَثَا علينا الذى قيل له ": أى أشاعه، يقال: ثبوت الحديث أثبوه: إذا أذعته وأشعته.

وقوله: " فقربنا صرمتنا ": الصرمة: القطعة من الإبل، وصاحبك مصرم. وقد تكون الصرمة فى غير هذا القطعة من النخل، قال ابن السكيت: والصرم أبيات مجتمعة.

وقوله: " نافر أنيس ": قال أبو عبيد: فى هذا الحديث المنافرة: أن يفتخر الرجلان كل واحد منهما على صاحبه، ثم يحكما بينهما رجلان، وقال غيره: المنافرة: المحاكمة، تنافرنا فلان، أى تحاكمنا إليه أينا أعز نفراً وأخير.

وقوله: [" كأنى خفاء ": قال أبو عبيد: الخفاء ممدود وهو الغطاء، وكل شىء

<<  <  ج: ص:  >  >>