للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١٠) باب من أتى مجلساً فوجد فرجة فجلس فيها، وإلا وراءهم

٢٦ - (٢١٧٦) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ - فِيمَا قُرِئ عَليْهِ - عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ؛ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ - مَوْلى عَقِيلِ بْنِ أَبِى طَالِبٍ - أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِى وَاقِدٍ الليْثِىِّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِى المَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ، إِذْ أَقْبَلَ نَفَرٌ ثَلاَثَةٌ. فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَهَبَ وَاحِدٌ. قَالَ: فَوَقَفَا عَلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فِى الحَلقَةِ فَجَلسَ فِيهَا، وَأَمَّا الآخَرُ فَجَلسَ خَلفَهُمْ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا. فَلمَّا فَرَغَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ. " أَلا أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلاثَة؟ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلى اللهِ، فَآوَاهُ اللهُ. وَأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَا، فَاسْتَحْيَا اللهُ مِنْهُ. وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ، فَأَعْرَضَ اللهُ عَنْهُ ".

ــ

وقوله فى حديث الثلاثة: " فأما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله، وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما الآخر فأعرض فاعرض الله عنه ": هذا من تحسين الكلام وِمقابلته بالمماثلة فى اللفظ، كما قال: {مُسْتَهْزِئُونَ. اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِم} (١)، {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} (٢)، أى جازاهم على فعلهم، فسمى مجازاتهم مثل أسماء أفعالهم واستعار لها ألقابها.

وقوله: " أما أحدهما فأوى إلى الله فآواه الله ": الأول مقصور ثلاثى غير متعد، والثانى ممدود رباعى مُعدّى، وهو قول الأصمعى. وهذه لغة القرآن، قال الله تعالى: {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْف} (٣). وقال فى الثانى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى} (٤)، وقد حكى بعض [أهل] (٥) اللغة فيها جميعًا اللغتين: المد والقصر، قالوا: وسواء قوله: أويت إلى الرجل، وأويته بمعنى: نزلت، وآويت الرجل: أدخلته منزلى وأنزلته، والأشهر فى اللازم القصر.

ومعنى " أوى إلى ": أى لجأ إليه، ومعناه عندى هنا: دخل مجلس ذكر الله، أو دخل مكان رسوله ومجمع أوليائه، وانضم إليه لدخوله الحلقة، وقربه من نبيه، يقال:


(١) البقرة: ١٤، ١٥.
(٢) آل عمران: ٥٤.
(٣) الكهف:١٠.
(٤) الضحى: ٦.
(٥) ساقطة من الأصل، والمثبت من الهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>