قوله - عليه السلام -: " الحلال بين، والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات " الحديث: اختلف الناس فى ذكر المشتبهات، فقيل: مواقعتها حرام، وقيل: حلال، لكنه يتورع عنه لاشتباهه، وقيل: لا يقال فيها: حلال ولا حرام؛ لقوله - عليه السلام -: " الحلال بين، والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات " فلم يحكم لها بشىء من الحكمين. وقوله: " لا يعلمها كثير من الناس ": فقد دل هذا أن ثَمَّ من يعلمها، فمن علمها لابد أن يلحق عنده أحد الوجهين، فيكون لها حكمه.
قال القاضى: وما حصل عند العلماء فى هذا الحد فقد خرج من المشتبه إلى البين، وإنما الكلام فيما لم يتبين لا فى طريق رد، أو لم يظهر له دلالة لأحد الوجهين.
قال الإمام: هذا الحديث جليل الموقع عظيم النفع فى الشرع، حتى قال بعض الناس بأنه ثلث الإسلام، وذكر حديثين آخرين هما الثلثان الباقيان.
قال القاضى: ما أشار إليه - رحمه الله - هو ما روى عن أبى داود السجستانى، قال: كتبت عن رسول الله خمسمائة ألف حديث، الثابت منها أربعة آلاف حديث، وهى ترجع إلى أربعة أحاديث، قوله - عليه السلام -: " إنما الأعمال بالنيات "، وقوله: " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه "، وقوله: " لا يكون المؤمن مؤمناً حتى يرضى لأخيه ما يرضى لنفسه " الحديث، وقوله: " الحلال بين والحرام بين " الحديث. وقد روى فيها مكان حديث: " لا يكون المؤمن مؤمنا " حديث: " ازهد فى الدنيا يحبك الله، وازهد فيما فى أيدى الناس يحبك الناس ". وقد نظمها أبو الحسن طاهر بن مفوز فى بيتين بقوله:
عمدة الدين عندنا كلمات ... أربع من كلام خير البرية
اتق الشبهات وازهد ودع ... ما ليس يعنيك وعملن بنيةٍ