للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٩) باب تشميت العاطس، وكراهة التثاؤب]

٥٣ - (٢٩٩١) حدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ عبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا حفْصٌ - وَهُوَ ابْنُ غِيَاثٍ - عَنْ سُلَيْمَانَ التَيْمِىِّ، عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: عَطَسَ عِنْدَ النَّبِى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلانِ، فَشَمَّتَ أحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّتِ الآخَرَ. فَقَالَ الَّذِى لَمْ يُشَمِّتْهُ: عَطَسَ فُلانٌ فَشَمَّتَّهُ، وَعَطَسْتُ أنَا فَلَمْ تُشَمِّتْنِى. قَالَ: " إنَّ هَذَا حَمِدَ اللهَ، وَإنَّكَ لَمْ تَحْمَدِ اللهِ ".

ــ

وذكر تشميت العاطس، قال أبو عبيد (١): يقال: شمت العاطس سمته بالسين والشين: أى دعوت له بالخير، والشين أعلى اللغتين. قال ثعلب: معنى التشميت بالشين: أبعد الله عنك الشماته. قال: وأصله السين من السمت، وهو القصد والهوى (٢). وقال ابن الأنبارى: كل داعٍ بالخير مسمت (٣).

قال القاضى: اختلف العلماء فى تشميت العاطس، بعد اجتماعهم على أن تشميته إذا حمد الله مشروع. فمنهم من أوجبه على كل من يسمع حمده، وإلى هذا ذهب أهل الظاهر لقوله - عليه السلام -: " إذا عطس فحمد الله فحق على كل مسلم سمعه أن يشمته " وهو الذى ذكره ابن مزين (٤) عن مالك، وهو مشهور مذهب مالك ومَنْ اتبعه فى جماعة من العلماء، إلى أنه فرض لكن على الكفاية يجزئ فيه دعاء بعض عن بعض كرد السلام. وحكى الشيخ أبو محمد بن أبى زيد (٥) هذين القولين. وذهبت فرقة إلى أنه على الندب والاستحباب، وإليه ذهب القاضى أبو محمد بن نصر وأنّ قوله: " حق " أى فى حكم الأدب وكرم الأخلاق، كقوله: " حق الإبل أن يحلب على الماء " (٦).


(١) انظر: غريب الحديث ٢/ ١٨٣.
(٢) فى ز: والهدى، والمثبت من ح.
(٣) فى ح: مشمت.
(٤) هو أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن مزين، مولى رملة بنت عثمان بن عفان، أصله من طليطلة، فانتقل إلى قرطبة، روى عن عيسى بن دينار ومحمد بن عيسى الأعشى وغيرهما ثم رحل إلى المشرق فلقى مطرف بن عبد الله، وروى عنه الموطأ. قال ابن لبابة: هو أفقه من رأيت فى علم مالك وأصحابه، ولى قضاء طليطلة، ومن تصانيفه تفسير الموطأ، وتسمية رجال الموطأ، توفى سنة ٢٥٩ هـ. انظر: الديباج المذهب: ٢/ ٣٦١، الأعلام ٨/ ١٣٤.
(٥) هو عبد الله بن عبد الرحمن القيروانى، وكان إمام وقته، وجامع مذهب مالك وشارح أقواله، وذاباً عن مذهبه حتى أنه عرف بمالك الصغير، تفقه بأبى بكر بن اللباد وأبى الفضل القيسى، ومن تصانحفه مختصر المدونة، وعليها المعول، وكتاب الذب عن مذهب مالك وغيرهما، وتوفى - رحمه الله - سنة ٣٨٦ هـ. انظر؟ الديباج المذهب ١/ ٤٢٧، شجرة النور ١/ ٩٦.
(٦) سبق فى ك الزكاة، حديث رقم (٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>