للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٢) باب حكم المحاربين والمرتدين]

٩ - (١٦٧١) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِىُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ هُشَيْمٍ - وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى - قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ وَحُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ نَاسًا مِنْ عُرَيْنَةَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَاجْتَوَوْهَا. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنْ شِئْتُمْ أَنْ تَخْرُجُوا إِلَى إِبِلِ الصَّدَقَةَ فَثَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا "، فَفَعَلُوا، فَصَحُّوا، ثُمَّ مَالوا عَلَى الرُّعَاةِ فَقَتَلُوهُمْ، وَارْتَدُّوا عَنِ الإِسْلامِ، وَسَاقُوا ذَوْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَعَثَ فِى أَثَرِهِمْ، فَأُتِىَ بِهِمْ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ، وَتَرَكَهُمْ فِى الْحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا.

ــ

[كتاب الحرابة]

وقوله فى حديث العرنيين: من الذين قدموا المدينة فاستوخموها، وسقمت أجسامهم فأمرهم النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالخروج إلى إبل الصدقة، وأنهم صحوا، فمالوا على الرعاة قتلوهم، وارتدوا عن الإسلام، وساقوا ذود رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فبعث النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى أثرهم فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم، وتُرِكوا فى الحره يُسْتَسْقونَ فلا يسْقون، وفى الحديث الآخر: " حتى ماتوا "، قال الإمام - رحمه الله -: اختلف الناس فى المحاربين، وفى المراد بقوله - سبحانه وتعالى -: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (١). الآية، فقال بعض الناس: إنما نزلت فى العرنيين. وقال بعضهم: فى المرتدين، وقال بعضهم: فى الكفار إذا نقضوا العهد وحاربوا. وتعلق هؤلاء بأن المحاربة لله ورسوله لا تكون مع الإيمان. وقال آخرون: فى المسلمين لقوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَليْهِم} (٢) والكافر إذا أسلم قبل منه إسلامه قبل القدرة عليه وبعدها.

ومذهبنا أن الإمام يخير فى حد المحارب ما لم يقتل، فإن قَتَلَ فلابد من قتله، فى المشهور عندنا. ومذهب الشافعى أنها على الترتيب. فإن قتل ولم يأخذ مالاً قتل، وإن أخذ المال وقد [قيل] (٣) قُتِلَ وصلب، وإن أخذ المال ولم يقتل قطع (٤). والحبس والنفى فيمن لم يبلغ جرمه إلى أن يستحق ذلك. واستدل أصحابه بأن تأثيره فى الضرر


(١) المائدة: ٣٣.
(٢) المائدة: ٣٤.
(٣) هكذا فى الأصل.
(٤) انظر: معر فة السنن والآثار ١٢/ ٤٣٧، والاستذكار ٢٤/ ٢٠٢ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>