للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٢٠) باب فيمن يثنى عليه خير أو شر من الموتى]

٦٠ - (٩٤٩) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَة وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَعَلِىُّ ابْنُ حُجْرٍ السَّعْدِىُّ، كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ - وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى - قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: مُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِىَ عَلَيْهَا خَيْرًا. فَقَالَ نَبِىُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ " وَمُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِىَ عَلَيْهَا شَرًّا. فَقَالَ نَبِىُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ ". قَالَ عُمَرُ: فَدًى لَكَ أَبِى وَأُمِّى، مُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِىَ عَلَيْهَا خَيْرًا فَقُلْتَ: وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ. وَمُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِىَ عَلَيْهَا شَرًّا فَقُلْتَ: وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَمَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ

ــ

وقوله: " أنتم شهداء الله فى الأرض ": قال الداودى: يعنى هذا عند الفقهاء إذا أثنى عليه أهل الفضل والصدق؛ لأن الفسقة قد يثنون على الفاسق فلا يدخل فى الحديث، وكذلك أن يكون القائل فيه شرًا عدوًا له، وإن كان فاضلاً فلا يدخل أيضاً فى هذا؛ لأن شهادته فى حياته كانت غير مقبولةٍ عليه، وإن كان عدلاً، وقيل ذلك فيمن علم الله أنه لا يحمل الحسد أو العداوة، أو فرط المحبة، وكثرة الإطراء والغلو المذموم فيقول ما ليس فيه من خيرٍ أو شرٍ، ولكن إنما ذلك لمن وفق الله له من يقول فيه قولاً عدلاً بما [علمه] (١) [ممن يريد به الله تعالى فيوجب له ما قالا، وهو الذى وفقهما الله له، وسبق له فى علمه، وربما قبل علمهما فيه] (٢) وترك علمه من سريرته إذا كان مسلماً، تفضلاً منه وسترًا عليه، وتحقيقًا لظنهما فيه، وقال بعضهم فى تكراره قوله: " أنتم شهداء الله فى الأرض " ثلاثاً إشارة إلى أن الثلاثة [الذى] (٣) قال فيهم - عليه السلام -: " خيركم قرنى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم " (٤). والأظهر فيه أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كرر لفظه بذلك ثلاثًا تأكيدًا على عادته فى ذلك.

وقوله - عليه السلام -: هذا فيمن أثنى عليه بشرٍ، ولم ينههم مع نهيه عن سب الأموات (٥)، أو الإمساك عن ذى قيل غير معارض. قيل: لأنه قد يكون هذا فيمن غلب


(١) فى س: علم.
(٢) سقط من س.
(٣) فى س: الذين.
(٤) البخارى، ك الشهادات، ب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد ٢/ ٢٢٤، الترمذى، ك الفتن، ب ما جاء فى القرن الثالث ٤/ ٥٠٠، ابن ماجة، ك الأحكام، ب كراهية الشهادة لمن لم يستشهد ٢/ ٧٩١.
(٥) وذلك فى قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تسبوا الأموات فتؤذوا الأحياء ".

<<  <  ج: ص:  >  >>