للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَرًّا وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِى الأَرْضِ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِى الأَرْضِ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِى الأَرْضِ ".

(...) وحدَّثنى أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِىُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - يَعْنِى ابْنَ زَيْدٍ. ح وَحَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، كِلَاهُمَا عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ. قَالَ: مُرَّ عَلَى النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَنَازَةٍ. فَذَكَرَ بِمَعْنَى حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ. غَيْرَ أَنَّ حَدِيثَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَتَمُّ.

ــ

عليه الشر، وكان فى حياته فاسقًا معلنًا فلا غيبة فيه فى حياته فكذلك بعد موته، بخلاف إذا كان الأغلب عليه الخير، وقيل: يحتمل أن يكون هذا الذكر الذى سوغهُ النبى - عليه السلام - بعد الموت وقبل الدفن ليتعظ فساق الأحياء بما ينتشر عنه من سوء الذكر، وربما عساه يُزهِد كثيرًا من الناس عن حضور الصلاة عليه، فإذا دفن وجب الإمساك عنه فيجمع بين الحديثين على هذا، وهذه الأحاديث كلها فى المسلمين.

قال القاضى: وليس فى هذين الفرقين تبيين لأن النهى عن سب الأموات عموم فيمن قبر ومن لم يقبر، وممن فيه الغيبة حال الحياة، ومن لا غيبة فيه، والذى يظهر لى فى الجمع بين الحديثين. أن يكون قوله - عليه السلام -: " وجبت وجبت " فى الذى أثنى عليه بشرّ، وقطْعه عليه بالنار، ومحتمل أنه فيمن أخبر عنه بإبطان النفاق وحدث عنه بما كان يضمره من ذلك، وتظهر عليه دلائله؛ فلذلك قال - عليه السلام -: " وجبت له النار "، إذ لا تجب ويقطع بها للمذنبين، بل هم فى مشيئة الله، وقد يكون نهيه - عليه السلام - عن سب الموتى بعد هذا، والله أعلم.

وقوله: " أثنى عليه شرًا ": والثناء ممدود بتقديم الثاء المثلثة، إنما يقال فى الخير غالبًا، وقد جاء هنا فى الشر، وإنما الذى يستعمل فيهما النثاء (١) المقصود بتقديم النون، لكن لما جاء هاهنا أولاً أثنى عليه خير، قال فى الشر على طريق تجنيس الكلام ومقابلته، كما قال تعالى: {مُسْتَهْزِئُونَ} (٢) {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} (٣) {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّه} (٤).


(١) فى س: الثناء. وانظر: مشارق الأنوار ٢/ ٤.
(٢) و (٣) البقرة ١٤، ١٥.
(٤) آل عمران: ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>