للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢٢) باب من استسلف شيئًا فقضى خيرًا منه و" خيركم أحسنكم قضاء "

١١٨ - (١٦٠٠) حدّثنا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِى رَافِعٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ بَكْرًا، فَقَدِمَتْ عَلَيْهِ إِبِلٌ منْ إِبِلِ الصَّدَقَة، فَأَمَرَ أَبَا رَافِعٍ أَنْ يَقْضِىَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ أَبُو رَافِعٍ فَقَالَ: لَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلَّا خِيَارًا رَبَاعِيًا. فَقَالَ: " أَعْطِهِ إِيَّاهُ، إِنَّ خَيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً ".

١١٩ - (...) حدّثنا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، سَمِعْتُ زَيْدَ بَنَ أَسْلَمَ، أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ عَنْ أَبِى رَافِعٍ - مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:

ــ

وقوله: " استسلف بكراً، فقضى جملاً [خياراً] (١) رباعياً "، وفى رواية الطبرى: " رباعاً " الحديث: فيه جواز الاستسلاف والأخذ بالدين للضرورة. وقد كان - عليه السلام - يستقرض الدين والمغرم، لكن دعته الضرورة إلى ما كان يكره من ذلك لحكم زهده فى الدنيا ورغبته عنها، ولو شاء لكان على غير ذلك؛ إذ خيره الله - تعالى - فى ذلك، فاختار التقلل والقناعة. وقد قال أبو عبيد الهروى: الدين ما كان لأجل، والغرم ما ليس لأجل.

وفيه جواز استسلاف الحيوان، وهو قول كافة العلماء، ولا خلاف بينهم فى جواز استسلاف ما له مثل فى العيش والمكيل والموزون. وأجاز جمهور العلماء استسلاف سائر الأشياء من الحيوان والعروض، واستثنوا من ذلك الجوارى، وعلته أنه قد يردها بنفسها فتكون من عارية الفروج. وأجازه بعض أصحابنا بشرط أن يرد غيرها، وأجاز استقراض الجوارى الطبرى والمزنى، وروى عن داود الأصبهانى. ومنع الكوفيون، فدخل جميع الحيوان، وهذا الحديث حجة عليهم، وليس للسنة موقع وليس دعواهم (٢) النسخ بغير حجة تدفعها. وذهب أهل الظاهر إلى أنه لا يجوز استقراض غير المكيل والموزون، وذكر عن داود.


(١) ساقطة من الأصل، واستدركت من الهامش بسهم.
(٢) هكذا فى الأصل، ولعلها: دعواه.

<<  <  ج: ص:  >  >>