قال الإمام: قد نهى - عليه السلام - عن سلف جرَّ منفعة، وهذا سلف جرَّ منفعة، فلابد من بناء الحديثين فيقول: النهى محمول على ما كان من المنفعة اشترط فى أصل القرض، وهذا لم يشترط؛ فلهذا أجاز، لكن المشهور عندنا فى المذهب فى العدد منهى عنها وإن لم تشترط فى أصل القرض، وكأنهم يرون هذا الحديث مخصصاً لحديث النهى ولم يرد إلا فى زيادة الصفة فلم يتعد به ما ورد فيه. والبكر من الإبل كالغلام من الناس. والقلوص ههنا كالجارية من النساء، والذى استكمل منها ست سنين ودخل فى السابعة يقال له: رباع، والأنثى رباعية، بتخفيف الياء.
قال القاضى: قال أبو عبيد: إذا ألقى البعير رباعيته - وذلك فى السابعة - فهو رباع، والرباعيات - بتخفيف الياء - أربع أسنان تلى الثنايا من جوانبها خرجوا فيها. وقد استدل بهذا الحديث من يجيز تقدم الصدقة قبل الحول؛ لأنه - عليه السلام - لم يستسلف لنفسه، إذْ لو استسلف لنفسه لم يقضه من إبل الصدقة إذ كانت لا تحل له، فدل أنه إنما استسلفها لأصلها من أرباب الأموال. قالوا: ويحتمل أن يكون هذا الذى استسلفت منه مما لا زكاة فيه، إذْ لو كان ذلك لما ردها النبى، وحجة من لا يجيز تعجيلها. ومعنى الحديث عندهم: إمَّا أن يكون استقرضها غيره على ذمته بأمره، فلما حانت الصدقة وقبضت دفعها إليه وكان من الغارمين، كما جاء فى حديث عبد الله بن عمرو: أنه أمره - عليه السلام - بتجهيز جيش فنفدت الإبل فأمرنا أن يأخذ على قلائص الصدقة (١)، وبهذا يندفع اعتراض من اعترض كيف ترد من أموال المساكين ما هو خير وأفضل وإنما يفعل المرء ذلك فى ماله، وذلك أنا قلنا: إنه إذا كان المستقرض غريماً حل له ما أخذ من الصدقة، وإن كان فوق حقه. وقد يكون المستقرض منه من تحل له الصدقة؛ إما لأنه لم يكن له مال إلا ما أقرض أو أصابته جائحة بعد الاقتضاء عند الانتظار من أهل الصدقة، فكانت الزيادة له من أموال