قال الحافظ: وكأن رواية الثورى رجحت عند البخارى، فلذلك اعتمدها لكونه أحفظهم مطلقاً، وزاد عليهم، وزيادة الثقة الحافظ مقدمة، وأبو معاوية وإن كان أحفظ أصحاب الأعمش بخصوصه، ولذلك اقتصر مسلم على روايته، لكنه لم يجزم بالعدد، فقدم البخارى رواية الثورى لزيادتها بالنسبة لرواية الاثنين، ولجزمها بالنسبة لرواية أبى معاوية. ثم قال: فيه مشروعية كتابة دواوين الجيوش، وقد يتعين ذلك عند الاحتياج إلى تمييز من يصلح للمقاتلة ممن لا يصلح. وفى قولهم له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أتخاف علينا " قال: وكأن ذلك وقع عند ترقب ما يخاف منه، ولعله كان عند خروجهم إلى أحد أو غيرها، قال: ثم رأيت فى شرح ابن التين الجزم بأن ذلك كان عند حفر الخندق، وحكى الداودى احتمال أن ذلك وقع لما كانوا بالحديبية؛ لأنه قد اختلف فى عددهم، هل كانوا ألفاً وخمسمائة أو ألفاً وأربعمائة. قال شبير أحمد: وسلك الداودى طريق الجمع، فقال: لعلهم كتبوا مرات فى مواطن، وجمع بعضهم بأن المراد بالألف وخمسمائة جميع من أسلم من رجل وامرأة وعبد وصبى، وبما بين الستمائة إلى السبعمائة الرجال خاصة، وبالخمسمائة المقاتلة خاصة. قال: وهو أحسن من الجمع الأول. وقوله: " فابتلينا " هذا قول حذيفة، ويشبه أن يكون أشار بذلك إلى ما وقع فى أواخر خلافة عثمان - رضى الله عنه - من ولاية بعض أمراء الكوفة كالوليد بن عقبة حيث كان يؤخر الصلاة ولا يقيمها على وجهها وكان بعض الورعين يصلى وحده سِرًّا ثم يصلى معه خشية وقوع الفتنة. راجع: فتح الملهم ١/ ١٨٣.