للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٢٨) باب النهى عن البول فى الماء الراكد]

٩٤ - (٢٨١) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَمُحَمَّدُ بْنُ رَمْحٍ، قَالا: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ. ح وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ أَبِى الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ رسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُبَالَ فِى الْمَاءِ الرَّاكِدِ.

٩٥ - (٢٨٢) وحدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِى الْمَاءِ الدَّائم ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ ".

٩٦ - (...) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عنْ همامِ بْنِ مُنَبِّهٍ؛ قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَذَكَرَ أحَادِيثَ مِنْهَا. وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تَبُلْ فِى الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِى لا يَجْرِى، ثُمَّ تَغْتَسِلُ مِنْهُ ".

ــ

ونهيُه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن بول الرجل فى الماء الراكد [أو الدائم الذى لا يجرى، ثم يغتسِل منه، وهو تفسير الراكد] (١) هذا تفسير منه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على طريق التنزيه والإرشاد إلى مكارم الأخلاق والاحتياط على دين الأمةِ، وهو فى الماء القليل آكد منه فى الكثير لإفساده له، بل ذكر بعضُهم أنه على الوجوب فيه، إذ قد يتغيَّرُ منه ويفسد فيظن من مَرَّ به أن فساده لقراره أو مكثه، وكذلك يكثر تكرار البائلين فى الكثير حتى يعتريه ذلك، فحمى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا العارض فى الماء الذى أصله الطهارة بالنهى عن ذلك، وذكر البول فيه دليلٌ على ما يشابهه من الغائط وغيره، فإن فعل ذلك فى ماء كثير لم يضره، فإن كان فى قليلٍ وغيّره أنجسَه وإن لم يُغَيّره فعلى اختلافهم فى الماء القليل تحله النجاسة القليلةُ، ولم يأخذ أحدٌ بظاهر الحديث إِلا داود (٢) فقصَرَه على البول فيه دون غيره من صَبِّه فيه، أو التغوُط فيه، أو جريه إليه، كَانَ كثيراً أو قليلاً، والتزم فى ذلك تناقضًا عظيمًا لظاهر الحديث.

وقوله: " والذى لا يجرى " دليل أن الجارى بخلافِه؛ لأن البول لا يستقر فيه، ولأن جريه يدفع النجاسةَ وتخلُفُه على التوالى الطهارةُ، ولأن الجارى فى حكم الكثير الغالب ما لم يكن ضعيفاً يغلبُه البول ويُغيّره، ولأن أكثر المياه الموجودة ليست كثيرةً مستبحرةً والناس يتناوبون المياه عند حاجتهم ويقربون منها للتنظيف بها، فلو أطلق لهم البولُ فيها لفسد أكثرها وقطع الانتفاع بها، لا سيما [فيما] (٣) يقرُب من العُمران ويدخل الوساوس فيما يوجد منها.


(١) سقط من ت.
(٢) راجع: المحلى ١/ ١٥٣.
(٣) ساقطة من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>