للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩٠ - (...) حدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا شَرِبَ الْكَلْبُ فِى إنَاءِ أحَدِكُمْ فَليَغْسِلهُ سَبع مَرَّاتٍ ".

٩١ - (...) وحدّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " طُهُورُ إنَاءِ أحَدِكُمْ، إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ، أَنْ يَغْسلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ. أولاهُنَّ بِالتُّرَابِ ".

ــ

العدد وخالف فى نجاسة الكلب فقال: هو نجسٌ، وقد حُكى هذا عن سحنون وعبد الملك وبعض أصحابنا - وطرَدَ بعضُهم أصلَه فى ذلك إذا أدخل يدَه فى الإناء (١). ووافقه أبو حنيفة فى نجاستِه وخالف الكل فى العدد وقال: يُغسَلُ حتى ينقى (٢)، وقد تأوله بعضهم على قول مالك، وتأوَّل عليه - أيضاً - تضعيفَ الغسل جملة لمعارضة الحديث قوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُم} (٣) وقوله: " يؤكل صيده " فكيف يُكره لعابه؟ وأنه غير واجب (٤). وقال أحمد (٥): يغسل سبعًا، والثامنة بالتراب على ما جاء فى الحديث الذى ذكره مسلم - أيضًا - عن ابن المغفّل فى الكلب، وحجتنا أن التعفير ليس فى سائر الأحاديث، وقد اضُطرِبَ فيه، فقد رُوى عن أبى هريرة: " أولاهن بالتراب " ذكره مسلم فى الأم، ورُوى عنه: " أوَّلُهن وأخراهن بالتراب " وكذلك اختلفوا على تأويل مذهب مالك فى غسله هل هو على الوجوب أو الندب (٦)؟ وكذلك اختلف مذهبنا متى يُغسل، هل عند استعماله أو عند وقوعه؟ وهو مبنى على الخلاف هل هو لتعبُّدٍ فعند وقوعه أو لتنجُسٍ فعند استعماله؟. وأما تعليل ذلك فقيل: ما تقدم من أذاها الضيف وترويع الغريب المسلم، وقيل: لعدم توقيه الأقذارِ وأكله الأنجاسَ، وكان شيخنا القاضى أبو الوليد بن رُشدٍ يذهب أن ذلك توقيًا وحماية مخافة أن يكون كلبًا فيسْتضِرَّ مستعملُ سؤرة


(١) و (٢) المغنى ١/ ٧٣، ٧٤.
(٣) المائدة: ٤.
(٤) المدونة الكبرى ١/ ٦.
(٥) المغنى ١/ ٧٣.
(٦) ما جاء فى المدونة الكبرى ١/ ٦: أن الإمام مالك لم ير بأساً بالوضوء من ماء ولغ فيه الكلب، بل حين سأل عن الذى يتوضأ بماء ولغ فيه الكلب ثم صلى قال: لا أرى عليه إعادة وإن علم فى الوقت، بل إنه اعتبره من البيت وقال: وأراه عظيماً أن يعمد إلى رزق من رزق الله فيلقى لكلب ولغ فيه، ومعنى هذا أنه يرى أن لا بأس بشرب اللبن أو أكل الطعام وإن ولغ فيه الكلب.
وذكر فى المحلى ١/ ١١٣ وقال مالك فى بعض أقواله: يتوضأ بالماء، وتردد فى غسل الإناء سبع مرات، فمرة لم يره، ومرة رآه، وقال فى قول له آخر: يهرق الماء ويغسل الإناء سبع مرات، فإن كان لبناً لم يهرق ولكن يغسل الإناء سبع مرات ويؤكل ما فيه، ومرة قال: يهرق كل ذلك ويغسل الإناء سبع مرات.

<<  <  ج: ص:  >  >>