للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٥٩ - (...) وَحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِى عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ، قَال: أَخْبَرَنِى الْعَبَّاسُ ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِنَحْوِ حَدِيثِ أَبِى عَوَانَةَ.

٣٦٠ - (٢١٠) وحدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدرِىِّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ، فَقَالَ: " لَعَلَّهُ تَنْفَعْهُ شَفَاعَتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُجْعَلُ فِى ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ، يَبْلُغُ كَعْبيْهِ، يَغْلِى مِنْهُ دِماغُهُ ".

ــ

عليهم فخفف بذلك من عذابهم، وكانت هذه الحالة هى الشافعة لهم لا رغبته وسؤاله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما قال:

فى وجهه شافِعٌ يمحو إساءته ... إلى القلوب وجيه حيث ما شفعا

ومع هذا فما يرى أن أحدًا أشدَّ منه عذاباً لشدة ما يلقاه، كما جاء فى الحديث نفسه، وعلى هذا يحملُ قوله: " هل نفعه ذلك " يعنى ذبَّهُ ونصرَهُ للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إلا أنه جوزِىَ على ذلك وعوِض عنه بتخفيف العذاب، خلافًا لمن قال (١) هذا من الشارحين، للإجماع على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم ولا يثابون عليها بنعيم ولا بتخفيف عذابٍ، لكنهم بإضافة بعضهم للكفر كبائر المعاصى، وأعمال الشر، وأذى المؤمنين، وقتل الأنبياء والصالحين، يزدادون عذابًا، كما قال تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} (٢) الآيات، وكذلك الكافِر يُعذَّبُ بكفره، ثم يزداد إجرامه وإفساده فى الأرض وعُتوه، وكثير إحداثه فى العباد والبلاد، فذاك يُعذَّبُ أشدَّ العذاب كما قيل فى فرعون، ومن لم يكن بهذه السبيل عُذِّب بقدر كفره، فكان أخف عذابًا ممِّن عُذِّب أشد العذاب، فليس إذًا عذابُ أبى طالب كعذاب أبى جهل وإن اجتمعا فى الكفر، ولا عذاب عاقِر الناقة من قوم ثمود كعذاب غيره من قومه، ولا عذاب قتلة عيسى (٣) ويحيى وزكريا وغيرهم من الأنبياء كغيرهم من الكفار، فبهذا تتوجه خِفَّةُ العذاب، لا أنه على المجازاة على أفعال الخير (٤).

وقوله: " ولولا أنا لكان فى الدرك الأسفل من النار ": قيل: الطبقة السفلى من طباق جهنم، وقيل: توابيت من نارٍ تُطبق عليهم.


(١) فى إكمال الإكمال: قاله.
(٢) المدثر: ٤٢.
(٣) يعنى: من عزموا قتله.
(٤) وماذا يصنع القاضى فى الحديث الذى بعده: " ولولا أنا لكان فى الدرك الأسفل فى النار "، وما ادعاه القاضى من حصول الإجماع غير مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>