للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٤ - (...) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِى الْخَلِيلِ؛ أَنَّ أَبَا عَلْقَمَةَ الْهَاشِمِىَّ حَدَّثَ؛ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىّ حَدَّثَهُمْ؛ أَنَّ نَبِىَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ يَوْمَ حُنَيْنٍ سَرِيَّةً. بِمَعْنَى حَدِيثِ يَزِيدَ ابْنِ زُرَيْعٍ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْهُنَّ فَحَلالٌ لَكُمْ. وَلَمْ يَذْكُرْ: إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ.

(...) وَحَدَّثَنِيهِ يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِىُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ - يَعْنِى ابْنَ الْحَارِثِ - حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَاَدَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.

ــ

ابن بكير. ويحتمل عندى أن يحمل على أنهما لما أقرّا لزم إقدار ما فى يد الزوج من العصمة؛ لأن إقرار الزوج إقرار لما يملك حتى ينتزع منه فى ثانى حال، وهذا الملك لا يصح انتزاعه فى ثانى حال.

وقد اختلف الناس - أيضاً - فى الأمة إذا بيعت وهى تحت زوج، هل يكون بيعها فسخاً لنكاحها؛ فأبى من ذلك مالك وجمهور الفقهاء، وذهب بعض الصحابة إلى أن ذلك فسخ للنكاح؛ أخذاً بعموم هذه الآية، وهو قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (١)، ولم يفرق بين ما ملكت أيماننا سبى أو شراء، وهذا على عمومه عندهم.

وتحقيق القول فى هذه المسألة: أن هذا عموم خرج على سبب، فمن رأى قصر العموم إذا خرج على سبب لم تكن فيه حجة على جمهور الفقهاء؛ لأنه كأنه قال: {إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (١) بالسبى. وإن قلنا: إن العموم إذا خرج على سبب يجب حمله على مقتضى اللفظ فى التعميم، اقتضى ذلك فسخ نكاح الأمة بالشراء كما ينفسخ بالبيع، لكن حديث بريرة فى شراء عائشة لها ثم لم يفسخ ذلك نكاحها، بل خيّرها - عليه السلام - لما عتقت فى فسخ النكاح (٢)، ذلك على أن البيع لا يفسخ نكاح الأمة ذات الزوج، ولكن هذا خبر واحد فى تخصيص عموم القرآن، فهل تختص به أم لا؟ فيه خلاف بين أهل الأصول، فعلى هذا يخرج اختلاف العلماء فى ذلك.

وقد قال بعض أهل العلم مفرقًا بين السبى والشراء، بأن السبى حدوث ملك لم يكن أو كأنه لم يكن، والشراء انتقال ملك إلى ملك، فكأن الأول أثر نقصاً فأثر فى النكاح نقصاً، والثانى لم يحدث ملكاً ولم يكن فلم يؤثر.


(١) النساء: ٢٤.
(٢) سيأتى فى ك العتق، ب إنما الولاء لمن أعتق، برقم (١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>