للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩٩ - (...) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِىِّ. ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، جَمِيعًا عَنِ الدَّرَاوَرْدِىِّ، قَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَنِىُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَذْكُرُ أَنَّ أعْرَابيًّا قَامَ إِلَى نَاحِيَةٍ فِى الْمَسْجِدِ، فَبَالَ فِيهَا، فَصَاحَ بِهِ النَّاسُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " دَعُوهُ "، فَلَمَّا فَرَغَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَنُوبٍ فَصُبَّ عَلَى بَوْلِهِ.

ــ

بين ذلك؛ لأن ما خالط نجاسةً فلا فرق فى التحقيق بين طروِّه عليها وطروِّها عليه، ولهم فى الماء القليل تحُلُّ فيه النجاسةُ اليسيرةُ حديث: " إذا جاوز الماء قلتين لم يحمل خبثاً "، وهذا ليس الحجة به من جهة نصّهِ، وإنما هى من جهة دليله، فإن لم نقل بدليل الخطاب سقط احتجاجهم به فيما دون القلتين وإن قلنا بدليل الخطاب قلنا فى مقابلة قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خلق الله الماء طهورًا " وتفرقة الشافعية (١) بين طُروِّ النجاسة على الماء وطرو الماء عليها، ابْتنَى على ذلك عندهم خلاف فيمن غسل نجاسةً عن ثوبه، هل تكون الغسالة التى خالطتها النجاسَةُ الخارجةُ من الثوب نجسةً أم لا؟ فقال بعضهم: تكون طاهرةً لأن الماء طارئ عليها ويحتج بصبِّ الماء على بول الأعرابى، وأنه بعد أن خالطه الماء لم يُنجِسْ بقعةً أخرى يمُرُّ عليها، قال بعض أصحابنا: إن قوله فى المدونة: إن لم يجد إِلا ما حلَّت فيه النجاسةُ اليسيرة وهو قليل فإنه يتيمم، هذا كقول الشافعى، وقال بعض أصحابنا: إنما المراد بقوله: يتيمم، يعنى ويتوضأ، لا أنه يتركه جملةً، وعلى هذا لا يكون موافقًا للشافعى.

قال القاضى: المعروف من مذهب مالك (٢) أنه لا يراعى هذا التفريق جملةً، ولا ذهب إليه أحدٌ من أصحابه، وإنما اختلفت عنه رواياتهم فى طهارته ما لم يتغير أحد أوصافه، قليلاً كان أو كثيراً، وهى رواية المدنيين عنه وأهل المشرق وأصل (٣) مذهبنا، وهو قول الثورى والأوزاعى فى رواية وبين التفريق بين القليل والكثير، وأن القليل ينجِسه قليل النجاسة وإن لم تغيّره، كقول أبى حنيفة (٤) والشافعى (٥)، وإن خالفهما فى تحديد القليل، وهى رواية المصريين والمغاربة وجماعة من أصحابه المدنيين وغيرهم، ثم اختلف أصحابُه فى هذا القليل ما حكمه؟ هل هو نجس حقيقةً؟ أو مشكوك فيه؟ فمن نجَّسه حقيقةً قال: يتيمم من لم يجد سواه، ومنهم من تأول لهذا القليل الاحتياط، ومن شك فيه جمع بينه وبين التيمم على اختلاف لهم كثير واضطرابٍ فى ترتيب ذلك وصفته، وقد حَدَّ بعض متأخرى شيوخنا القليل بإناء الوضوء يقع فيه القطرة من النجاسة، والقصريَّةِ يغتسل


(١) المجموع ١/ ١٢٧.
(٢) المنتقى ١/ ٥٩.
(٣) المجموع ١/ ١١٣.
(٤) بدائع الصنائع ١/ ٧١.
(٥) المغنى ١/ ٢٠٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>