للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠٠ - (٢٨٥) حدّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْحَنَفِىُّ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدثَّنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِى طَلْحَةَ، حَدَّثَنِى أنسُ بْنُ مَالِكٍ - وَهُوَ عَمُّ إِسْحَاقَ - قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِى الْمَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ جَاءَ أعْرَابىٌّ، فَقَامَ يَبُولُ فِى الْمَسْجِدِ، فَقَالَ أصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَهْ مَهْ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تُزْرِمُوهُ، دَعُوهُ "، فَتَرَكُوهُ حَتَّى بَالَ. ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: " إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لا تَصْلُحُ لِشَىْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ وَلا الْقَذَرِ، إِنَّمَا هِىَ لِذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالصَّلاة، وَقِرَاءَةِ الْقُرآنِ "، أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَأَمَرَ رَجُلاً مِنَ الْقَوْمِ، فَجَاءَ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ، فَشَنَّهُ عَلَيْهِ.

ــ

فيها الجُنُبُ ولم يغسل ما به من أذىً، وحدَّ الشافعى (١) وفقهاء أصحاب الحديث - وهو مروىٌّ عن بعض الصحابة والتابعين - القليل بما كان دون القلتين، وروى عن بعض السلف أربعين قلَّةً، ثم اختلف القائلون بالقلتين فى تقديرهما، وأكثرهم على أنها خمس قرب، وقيل: سِت، وقال أهل الرأى (٢): كلُّ ماءٍ إذا حُرِّك اضطرب طرفُه الآخر فهو فى حيز القلة، ينجسه ما وقع فيه وإن لم يُغيره، وهذا إذا كان الاضطراب بالتحريك لا بالتمويج. وأجمعوا أن ما تغيَّر طعمُه أو لونُه أو ريحه بنجاسةٍ أنه نجس لا يجوز استعمالُه.

وفى هذا الحديث الرفق بالجاهل وتعليمه ما يلزمه بغير تعنيفٍ ولا لسَبٍّ، إذا لم يأتِ ذلك استخفافًا وعن علمٍ، بل بيَّن له برفق وعلمه ما للمساجد من حرمةٍ وحقٍّ. وفيه تنزيه المساجد عن جملة الأقذار، وأنه لا يصلح فيها شىء من أمور الدنيا وتجارتها ومكاسبها، والخوض فى غير الذكر وما فى معناه لقوله: " إنما هى لذكر الله، والصلاة، وقراءة القرآن "، و " إنما " للحصر ونفى ما لم يُذكر.

وقوله فى سند الحديث زهير: حدثنا إسحاق بن أبى طلحة، حدثنى أنس بن مالك. وهو عم إسحاق - وهو عمه أخو أبيه لأمه - وهو إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة. وأم عبد الله هى أم سُليم بنت ملحان، وهى أم أنس بن مالك، تزوجها بعد أبى أنس أبو طلحة.

وقوله فى هذا الحديث: " فجاء بدلوٍ من ماءٍ فشَنَّه عليه " يُروى بالسين والشين، أى صبَّه عليه، وفرق بعضُهم بين السَنِّ والشنِّ وقال: السنُّ بالسين المهملة: الصبُ فى سهولة، وبالمعجمة: التفريق فى صبِّه، ومنه حديث عمر: " كان يُسنُّ الماء على وجهه


(١) المغنى ١/ ٣٦، المجموع ١/ ١١٢.
(٢) المجموع ١/ ١١٣، بدائع الصنائع ١/ ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>