للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَخْذَهُ. وَاللهِ، لوْلا دَعْوَةُ أَخِينَا سُليْمَانَ لأصْبَحَ مُوثَقًا يَلعبُ بِهِ وِلدَانُ أَهْلِ المَدِينَةِ ".

ــ

أخى سليمان لأصبح موثقًا يلعب به ولدان أهل المدينة ".

قال الإمام: الجن أجسام روحانية، فيحتمل هذا أنه تشكل على صورة يمكن ذلك فيها على العادة، ثم يمنع من أن يعود إلى ما كان عليه حتى يتأتى اللعب به، وإن خرقت العادة أمكن غير ذلك.

قال القاضى: وأما قوله: " ولولا دعوة [أخى] (١) سليمان " وقوله: " ثم تذكرت (٢) قول أخى سليمان " يفهم منه أن مثل هذا مما خُصَّ به سليمان دون غيره من الأنبياء واستجيبت دعوته فى ذلك، ولذلك امتنع نبينا - عليه السلام - من أخذه، إما إنه لم يقدر عليه [لذلك أو لما تذكر ذلك لم يتعاط ذلك لظنه أنه لا يقدر عليه] (٣)، أو تواضعاً وتأدباً وتسليماً لرغبة سليمان. وفيه رؤية بنى آدم الجن، وقد جاءت بذلك عن السلف والصالحين أخبار كثيرة، ومجمل قوله: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُم} (٤) على الأغلب والأعم، ولو كانت رؤيتهم محالاً لما أخبر النبى - عليه السلام - بما أخبر وأراده حتى تَذكر خبر سليمان، وقيل: هذا الحديث دليل على رؤية أصحاب سليمان لهم، وليس ببين عندى، إنما دليله قدرة سليمان عليهم وتسخيرهم له، كما نص الله تعالى عليه، وقد قيل: إِنَّ رؤيتهم على خلقِهم وظهورهم ممتنعة؛ لظاهر الآية إِلا الأنبياء ومن خرقت له العادة، وإنما يراهم بنو آدم فى صور غير صورهم كما جاء فى الآثار من ذلك.

وقوله للشيطان فى الصلاة: " ألعنك بلعنة الله وأعوذ بالله منك " (٥) وهو فى الصلاة دليل على جواز الدعاء لغيره بصيغة المخاطبة كما كانت الاستعاذة هنا فى صيغة المخاطبة، خلافاً لما ذهب إليه ابن شعبان من إفساد الصلاة بذلك، وهذا مثل قوله فى التشهد: " السلام عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته ".


(١) ساقطة من ت، وفى المطبوعة: أخينا.
(٢) فى المطبوعة: ذكرت
(٣) سقط من الأصل، واستدرك فى الهامش.
(٤) الأعراف: ٢٧.
(٥) " وأعوذ بالله منك " غير مذكورة فى المطبوعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>