للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٢ - (...) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أبى سُليْمَانَ وابْنِ عَجْلانَ، سَمِعَا عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُليْمٍ الزُّرَقِىِّ، عَنْ أَبِى قَتَادَةَ الأَنْصَارِىِّ؛ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَؤُمُ النَّاسَ وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِى العَاصِ وَهِىَ ابْنَةَ زَيْنَبَ بِنْتِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلى عَاتِقِهِ، فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا رَفَعَ مِنَ السُّجُودِ أَعَادَهَا.

ــ

لكن المعلوم منه - عليه السلام - أنه كان يخرج عند إقامة الصلاة ولا يتنفل قبلها فى المسجد، وإنما كان تنفله فى بيته. وروى الزبير بن بكار فى كتاب النسب عن عمرو بن سليم الزُرَقى فى ذلك: كان فى صلاة الصبح (١)، وقد قيل: هذا خصوص للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذ لا يؤمن من الطفل البول وغير ذلك على حامله، فقد يعصم النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منه ويعلم بسلامته من ذلك مدة حبسه، وقد قال أبو عمر: لعل هذا النسخ بتحريم العمل والاشتغال فى الصلاة بغيرها وهو نحو مما روى عن مالك (٢)، وقال أبو سليمان [الخطابى] (٣): يشبه أن هذا كان منه - عليه السلام - عن غير قصد وتعمد للصلاة، لكن الصبية لتعلقها به وطول إلفها له لملابسته فى غير الصلاة تعلقت به فى الصلاة، فلم يدفعها عن نفسه ولا أبعدها فإذا أراد أن يسجد وهى على عاتقه وضعها حتى يكمل سجوده، ثم تعود الصبيَّة إلى حالها من التعلق به فلا يدفعها، فإذا قام بقيت معه محمولة، قال: ولا يكاد يتوهم عليه حملها متعمداً. ووضعها وإمساكها مرة بعد أخرى؛ لأنه عمل يكثر، وإذا كان عَلم الخميصة لشغله حتى استبدل به، فكيف لا يشغله هذا؟!

وقد يحتج لتأويل هذا بما ورد من ركوب الحسن والحسين عليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى سجوده (٤) والحديث مشهور، لكن يبعده قوله فى الحديث: خرج علينا حاملاً أُمامة على عنقه فصلى. وقال الباجى: إن كان حمل الطفل فى الصلاة على معنى الكفاية لأمه لشغلها [بغير] (٥) ذلك لا يصح إِلا فى النافلة لطول أمر النافلة، وإن كان لما يخشى منه على الطفل، وأنه لا يجد من يمسكه، فيجوز فى الفريضة، ويكون حبس الطفل على هذا على العاتق أو معلقاً فى ثوب لا يشغل المصلى، وإلا فحمله على غير هذا الوجه من الشغل الكثير المتصل فى الصلاة الذى يمنع صحتها (٦)، قال غيره: وقد يكون حمله لها؛ لأنه لو تركها بكت


(١) وقد نقل من رواية أبى داود أنها كانت فى صلاة الظهر أو العصر.
(٢) راجع: الاستذكار ٦/ ٣١٥.
(٣) من ق.
(٤) وذلك فيما أخرجه الحاكم فى المستدرك بسند صحيح عن أبى هريرة - رضى الله عنه - قال: " كنا نصلى مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العشاء، فكان يصلى، فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره وإذا رفع رأسه أخذهما فوضعهما وضعاً رفيقاً، فإذا أعاد عادا "، ك معرفة الصحابة ٣/ ١٦٧.
(٥) فى ت: بغيره.
(٦) المنتقى ١/ ٣٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>