وكونه خطيئة إنما هو لمن تفل فيه ولم يدْفن؛ لأنه يُقَذِّرُ المسجد، ويتأذى به من يَعلق به أو رآه، كما جاء فى الحديث الآخر:" لئلا تصيب جلد مؤمن أو ثوبه فتؤذيه "(١). فأما من اضطر إلى ذلك فدفن وفعل ما أمر به فلم يأت خطيئة، فكأن بدفنه لها أزال عنه الخطيئة وكفرها، لو قدرنا بصاقه فيه ولم يدفنه. وأصل التكفير التغطية، فكأن دفنها غطاء لما يتصور عليه من الذم والإثم لو لم يفعل، وهذا كما سميت تَحِلَّة اليمين كفارة، وليست اليمين بمأثم فتكفره، ولكن لما جعلها الله فسحة لعباده فى حل ما عقده من أيمانهم ورفعاً لحكمها سماها كفارة؛ ولهذا جاز إخراجها قبل الحنث، وسقوط حكم اليمين بها عندنا وعند جماعة من العلماء على الأصح من القولين، هذا هو تأويل لفظها الأعلى قول من أثبتها خطيئة وإن اضطر إليها، لكن يكفرها التغطية.
(١) المصنف لابن أبى شيبة، ك الصلاة، ب من قال: احفر لبزقتك، من حديث سعيد بن أبى وقاص - رضى الله عنه ٢/ ٣٦٧.