للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

على أنه إن شغله حتى لا يدرى كيف صلى فهو الذى يعيد قبل وبعد، وأما إن شغله شغلاً لم يمنعه من إقامة حدودها وصلى ضاماً بين وركيه فهذا يعيد فى الوقت، وذهب الشافعى والحنفى فى مثل هذا إلى أنه لا إعادة عليه، وظاهر قول مالك فى هذا استحباب الإعادة، وكلهم مجمعون أن من بلغ به ما لا يعقل به (١) صلاته ولا يضبط حدودها أنه لا تجزئه، ولا يحل له الدخول كذلك فى الصلاة، وأنه يقطع الصلاة إن أصابه ذلك فيها.

وذكر حديث ابن أبى عتيق مع القاسم عند عائشة: قوله: " وكان القاسم رجلاً لحانة " كذا للسمرقندى، وهذا اللفظ استعملته العرب للمبالغة، قالوا: لحَّانة للكثير اللَّحن، وعلامة للكثير العلم، ووقع للعذرى وابن أبى جعفر: لحْنة بسكون الحاء وضم اللام وهو بمعناه، أى يلحن فى كلامه وَيُلَحِّنُه الناس، وباب فُعْلة بضم الفاء وسكون العين للذى يرى الناس منه ذلك، كخُديعة للذى يُخْدع، وهُزأة للذى يهزأ به، وباب فُعَلة بفتح العين بضده ممن يفعل ذلك بغيره، كَصُرَعة للذى يصرع الناس، وهُزأةً إذا كان يهزأ بهم، وخُدَعة إذا كان يخدعهم.

وابن أبى عتيق هذا هو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق، والقاسم هذا هو ابن محمد بن أبى بكر الصديق وكانت أمه أم ولد، كما ذكر فى الحديث.

وقوله: " فغضب وأضبَّ عليها ": أى حَقَد، والضب: الحِقد، وقولها - لما رأته [حين] (٢) جاءت مائدتها قام يصلى -: " اجلس غُدَرُ " وذكر الحديث، يدل أن مذهبها الأخذ بظاهره، وإنما سمته غدر؛ لما أظهر من أنَّ تركه طعامها من أجل قيامه للصلاة لا لأجل حقده عليها مما قالت له وعيرته به من لحنه وتأديب أمه له (٣).


(١) بعدها فى ت: فى، ولا وجه لها.
(٢) ساقطة من ت.
(٣) فى قولها - رضى الله عنها له -: " من أين أتيت " تعنى: من أين ذهبت. ولما كان مأموراً باحترامها؛ لأنها أم المؤمنين ثم عمته، ثم إنها أكبر منه، وناصحة له ومؤدبة فحقها أن تحتمل ولا يغضب عليها.
والغدر هنا يعنى: ترك الوفاء، وأكثر ما يستعمل فى النداء بالشتم.

<<  <  ج: ص:  >  >>