للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَادَ أَوْ نَقَصَ - قَالَ إِبْرَاهِيمُ: وَايْمُ اللهِ! مَا جَاءَ ذَاكَ إِلا مِنْ قِبَلِى - قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَحَدَثَ فِى الصَّلاةِ شَىْءٌ؟ فَقَالَ: " لا " قَالَ: فَقُلْنَا لهُ الذِى صَنَعَ. فَقَالَ: " إِذَا زَادَ الرَّجُلُ أَوْ نَقَصَ فَليَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ ". قَالَ: ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ.

ــ

ثم اختلفوا هل من شرط التنبيه الاتصال بالحادثة وبالفور ولا يجوز فيها التأخير؟ وهذا مذهب الأكثرين، وإليه نحى القاضى أبو بكر، أو يجوز فيها التراخى ما لم يتخرم عمره وينقطع تبليغه؟ وإليه نحى أبو المعالى ومنعت (١) طائفة من العلماء والنظار السهو عليه فى الأفعال البلاغية والعبادات الشرعية كما منعوه اتفاقاً فى الأقوال البلاغية، واعتذروا عن الظواهر الواردة فى ذلك باعتذارات، وإليه مال الأستاذ أبو إسحاق، وشذت الباطنية وطائفة من أرباب علم (٢) القلوب، فقالوا: النسيان لا يجوز عليه جملة، وإنما ينسى قصداً ويتعمد صورة النسيان ليَسُنَّ ونحى إلى قولهم عظيم من أئمة التحقيق وهو أبو المظفر الإسفرايينى فى كتاب (٣) الأوسط، وهذا منحى، غير سديد، وجمع الضد مع ضده مستحيل بعيد، والقول الأول هو الصحيح؛ فإن السهو فى الأفعال غير مناقضٍ للنبوة، ولا موجبٍ للتشكيك فى الرسالة، ولا قادح فى الشريعة، بل هو سبب لتقرير شرع وإفادة حكم كما قال - عليه السلام -: " إنى لأنسى أو أُنَسَّى "، وكذلك (٤) اختلفوا فيما ليس طريقه البلاغ، ولأن (٥) بيان الأحكام من أفعاله الشرعية، وما يختص به من عاداته وأذكار قلبه، والأكثر على تجويز الغفلة هنا والسهو إذ لم يؤمر بتبليغها.

وأما طروء ذلك عليه فى الأقوال فممتنع بإجماع فيما طريقه البلاغ كما امتنع فى ذلك التعمد إجماعاً، وأما طروؤه عليه فى الأقوال الدنيوية، وفيما ليس سبيله البلاغ من الأخبار التى لا مستند للأحكام إليها ولا أخبار المعاد، ولا تُضاف إلى وحى، فقد جوز قوم السهو والغفلة فى هذا الباب، إذ ليس من باب التبليغ الذى يُتطرق به إلى القدح فى الشريعة، والحق الذى لا مرية فيه ترجيح قول من لم يجوز ذلك على الأنبياء فى خبر من الأخبار، كما لم يجوزوا عليهم فيها العمد، وأنه لا يجوز عليهم خلف (٦) فى خبر من الأخبار لا عن قصد ولا سهو، ولا فى صحة ولا مرضٍ، ولا رضى ولا غضب، وحسبك أن سيره وآثاره وكلامه وأفعاله مجموعة معتنى بها على مر الزمان يتداول نقلها الموافق والمخالف، ويرويها الموقن والمرتاب، فلم يأت فى شىء منها استدراك غلط فى قول ولا اعتراف بوهم فى كلمة، ولو كان لنُقِل كما نقل سهوه فى الصلاة ونومه عنها، واستدراكه رأيه فى تلقيح النخل،


(١) فى ت: ومنعه.
(٢) فى ت: علوم.
(٣) فى ت: كتابه.
(٤) فى الأصل: ولذلك، والمثبت من ت.
(٥) فى ت: ولا.
(٦) فى ت: الخلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>