للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩٩ - (...) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الحُصَيْنِ، عَنْ أَبِى سُفْيَانَ مَوْلى ابْنِ أَبِى أَحْمَدَ؛ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: صَلى لنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةَ العَصْرِ، فَسَلمَ فِى رَكْعَتَيْنِ، فَقَامَ ذُو اليَدَيْنِ فَقَالَ: أَقُصِرَتِ الصَّلاةُ يَا رَسُولَ اللهِ، أَمْ نَسِيتَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كُلُّ ذَلِكَ لمْ يَكُنْ ". فَقَالَ: قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ، يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلى النَّاسِ فَقَالَ: " أَصَدَقَ ذُو اليَدَيْنِ؟ " فَقَالوا: نَعَمْ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَتَمَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَقِىَ مِنَ الصَّلاةِ. ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ - وَهُوَ جَالِسٌ - بَعْدَ التَّسْلِيَمِ.

ــ

من المأموم والإمام، ومنع ذلك بالجملة أبو حنيفة والشافعى وأحمد وأهل الظاهر، وجعلوه مفسداً للصلاة إِلا أن أحمد أباح ذلك للإمام وحده (١) وسوى أبو حنيفة بين العمد والسهو، وحجة من أجاز حديث ذى اليدين، وحجة من منع فى العمد ما تقدم من أن ذلك كان أول الإسلام، وأما وأن النبى - عليه السلام - إنما تكلم على تيقن (٢) عنده من تمام الصلاة، وأن ذا اليدين ظنَّ قصرها وتمامها، وأن غيره إنما أجابوه لوجوب إجابة دعوته أو على تأويل ذى اليدين، ولعلهم لم يسمعوا جواب النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأما أبو حنيفة فذهب إلى نسخة لحديث ابن مسعود وزيد بن أرقم بالنهى عن الكلام فى الصلاة، ولا يصح لهم؛ لأن حديث ابن مسعوِد متقدم، وقد روى أنه كان بمكة، لكن يعارض هذا قوله: " فنزلت: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (٣) فنهينا عن الكلام [فى الصلاة] (٤) " البقرة مدنية، وأبو هريرة ينص على مشاهدته إياه، وهو إنما أسلم بخيبر.

قال الإمام: وأما قوله فى حديث ذى اليدين: " كل ذلك لم يكن "، فقد اعتذر فيه العلماء باعتذارين: أحدهما: أن المراد لم يكن القصر والنسيان معاً، وكان الأمر كذلك وهذا اعتذار ضعيف، والثانى: أن المراد الإخبار عن اعتقاد قلبه وظنه فكأنه مُقَدَّر النطق به وإن كان محذوفاً، فلو قال: كل ذلك لم يكن فى ظنى، ثم كشف الغيب أنه كان لم يكن كاذباً، فكذلك إذا قدَّر ذلك محذوفاً مراداً.

قال القاضى: قَدَّرنا أن الخلف والإخبار على ما ليس به فى حق النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ محال، لا على سبيل القصد ولا سبيل السهو والنسيان، وقد جاء هذا الحديث وظاهره الإخبار أنه لم ينس وقد نسى، ولأئمتنا أجوبة: منها ما تقدم، وقيل: قوله: " لم أنس " راجع إلى


(١) استدلالاً بما جاء فى بعض طرق حديث أبى هريرة والتى أخرجها أبو داود وفيها " فأومؤوا " بدلاً من " نعم "، وقد قال أبو داود عقبه: وكلُّ من روى هذا الحديث لم يقل فيه: " فأومؤوا " إِلا حمادُ بن زيد.
(٢) فى ت: يقين.
(٣) البقرة: ٢٣٨.
(٤) سقط من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>