للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَن القرَاءَةِ مَعَ الإِمَامِ؟ فَقَالَ: لا قِرَاءةَ مَعَ الإِمَامِ فِى شَىْءٍ. وَزَعَمَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلى رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} فَلمْ يَسْجُدْ.

ــ

عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} (١)، وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا} (٢).

وقوله: " حتى ما يجد أحدنا موضعاً لكان جبهته " (٣): قال الداودى: مالك يرى لمن نزل به مثل هذا أن يسجد إذا رفع غيره، وكان عمر يرى أن يسجد الرجل على ظهر أخيه. واختلف فى الخطيب يوم الجمعة يقرأ السجدة فى خطبته، فقال مالك: يستمر فى خطبته ولا يسجد، وقال الشافعى: ينزل فيسجد وإن لم يفعل أجزأه، وقد روى الوجهين عن عمر بن الخطاب فى الموطأ (٤) وعن النبى - عليه السلام - فى المصنفات: " أنه يسجد " (٥).

وقوله: " قرأ {وَالنَّجْمِ} فسجد فيها، وسجد من كان معه غير أَنَّ شيخاً أخذ كفاً من حصى أو تراب فرفعه إلى جبهته وقال: يكفينى هذا، فلقد رأيته قتل بعد كافراً ": هذا الشيخ هو أمية بن خلف، قتل يوم بدر ولم يكن أسلم، وإنما سجد؛ لأنه روى أنه سجد حينئذ مع النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المسلمون والمشركون والجن والإنس، قاله ابن عباس حتى شاع أن أهل مكة أسلموا، وانصرف من كان هاجر إلى الحبشة لذلك، وكان سبب سجودهم - فيما قال ابن مسعود - أنها كانت أول سورة نزلت فيها سجدة، وروى أصحاب الأخبار والمفسرون أن سبب ذلك ما جاء على لسان النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ذكر الثناء على آلهة المشركين فى سورة النجم، ولا يصح هذا فى شىء من طريق النقل، ولا من طريق العقل؛ لأن مدح آلهة غير الله كفر، [ولا يصح أن يُنزل على النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كفر] (٦)؛ ولا أن يقول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك من قبل نفسه مداراة لهم؛ ولا أن تقوَّله الشيطان على لسانه؛ إذ لا يصح أن يقول - عليه السلام - شيئاً خلاف ما هويه، فكيف فى طريق القرآن وما هو كفر، ولا يسلط الشيطان على ذلك؛ لأنه داعية إلى الشك فى المعجزة وصِدْق النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكل هذا لا يصح. وقد أشبعنا الكلام فى هذا الفصل فى القسم الثالث من كتاب الشفا، بما لا مزيد عليه، وذكرنا تخريج التأويلات فى القصة لو صح نقلها وهو لم يصح، ولا نقل فيه من طريق صحيح ولا مسندٍ متصلٍ، فليطلب بسطه هناك.

وقوله: " لا قراءة مع الإمام فى شىء ": تقدم الكلام فى هذا، وقوله: " وزعم أنه


(١) مريم: ٥٨.
(٢) الإسراء: ١٠٧.
(٣) فى المطبوعة: حتى ما يجد بعضنا. ولفظة: " أحدنا " فى الطريق الآخر، وليس فيه ذكر الجبهة: " حتى ما يجد أحدُنا مكاناً ليسجد فيه فى غير صلاة ".
(٤) ك القرآن، ب ما جاء فى سجود القرآن ١/ ٢٠٦.
(٥) المصنف لابن أبى شيبة، ك الصلوات، ب السجدة تقرأ على المنبر ما يفعل صاحبها ٢/ ١٨، عبد الرزاق فى ك فضائل القرآن، ب كم فى القرآن من سجدة ٢/ ٣٣٧.
(٦) سقط من الأصل، واستدرك فى الهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>