للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٩٤ - (...) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ قَالَ: كُنَّا نُصَلِّى الْعَصْرَ ثُمَّ يَخْرُجُ الإِنْسَانُ إِلَى بَنِى عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَيَجِدُهُمْ يُصَلُّونَ الْعَصْرَ.

١٩٥ - (٦٢٢) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَقُتيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِى دَارِه بِالبَصْرَةِ، حِينَ انْصَرَفَ مِنَ الظُّهْرِ، وَدَارُهُ بِجَنْبِ الْمَسْجِدِ. فَلَمَّا دَخَلْنَا عَلَيْهِ قَالَ: أَصَلَّيْتُمُ الْعَصْرَ؟ فَقُلْنَا لَهُ: إِنَّمَا انْصَرَفْنَا السَّاعَةَ مِنَ الظُّهْرِ. قَالَ: فَصَلُّوا الْعَصْرَ. فَقُمْنَا فَصَلَّيْنَا، فَلَما انْصَرَفْنَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " تِلْكَ صَلاةُ الْمُنَافِقِ، يَجْلِسُ يَرْقُبُ الشَّمْسَ، حَتَّى إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَى الشَّيْطَانِ قَامَ فَنَقَرَهَا أَرْبَعًا، لا يَذْكُرُ اللهَ فِيهَا إِلا قَلِيلاً ".

ــ

وقوله: " كنا نصلى العصر ثم يخرج الإنسان إلى بنى عمرو بن عوف فيجدهم يصلون العصر و [هم] (١) على ثلثى فرسخ من المدينة " وهذا يدل على تعجيل صلاتهم بالمدينة وصلاة أولئك وسط الوقت وقبل خروجه وضيقه، ولولا ذلك لم يكن فيه حجة. ولعلهم لما كانوا عمال حوائطهم كانت صلاتهم حينئذ عند فراغهم من عملهم واجتماعهم للصلاة وتأهبهم لها.

وهذه الأحاديث كلها فى تبكير صلاة العصر مع ما ذكر من غيرها مسلم حجة للجماعة فى أن وقتها القامة، وأن صلاتها لأول وقتها أفضل، وردٌّ على من خالفهم؛ إذ لو كانت القامتان - كما قال أبو حنيفة - لما اتفق أن يجدوا بنى عمرو يصلون إِلا فى الاصفرار، ولا وصلوا إلى قباء والعوالى إِلا بعد سقوط الشمس ونزولها وتغيرها، ولما صح ما جاء فى الحديث الآخر من نحر الجزور وقسمتها والفراغ منها وطبخها وأكلها نضيجاً قبل المغرب، والجزور لا تكون إِلا من الإبل والجزرة من غيرها.

وقوله: " تلك صلاة المنافقين يجلس أحدهم حتى إذا كانت بين قرنى الشيطان " (٢): الحديث ذم لفاعل هذا أو حجةٌ لمن يرى التأثيم بهذا التأخير، وردٌ على من أجاز تأخيرها لغير عذر إلى ذلك الوقت. ومعنى " قرنى الشيطان " هنا: يحتمل الحقيقة والمجاز، وإلى الحقيقة ذهب الداودى وغيره، ولا بُعد فيه، وقد جاءت آثارٌ مصرِّحةٌ بغروبها على قرنى الشيطان، وأنها تريد عند الغروب السجود لله فيأتى شيطان يصدها فتغرب بين قرنيه


(١) ساقطة من ت.
(٢) لفظ ما فى المطبوعة: " تلك صلاة المنافق، يجلس يَرْقب الشَّمسَ ... " الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>