للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ عَطَاءٌ: قَالَ ابْنَ عَبَّاسٍ: فَخَرَجَ نَبِىُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَيْهِ الآنَ، يَقْطُرُ رَأسُهُ مَاءً، وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى شِقِّ رَأسِهِ، قَالَ: " لَولا أَنْ يَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى لأَمَرْتُهُمْ أَنْ يُصَلُّوهَا كَذَلِكَ ".

قَالَ: فَاسْتَثْبَتُّ عَطَاءً كَيْفَ وَضَعَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى رَأسِهِ كَمَا أَنْبَأَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَبَدَّدَ لِى عَطَاءٌ بَيْنَ أَصَابِعِهِ شَيْئًا مِنْ تَبْدِيدٍ، ثُمَّ وَضَعَ أَطرَافَ أَصَابِعِهِ عَلى قَرْنِ الرَّأسِ. ثُمَّ صَبَّهَا، يُمِرُّهَا كَذَلِكَ عَلَى الرَّأسِ، حَتَّى مَسَّتْ إِبْهَامُهُ طَرَفَ الأُذُنِ مِمَّا يَلِى الْوَجْهَ، ثُمَّ عَلَى الصُّدْغِ وَنَاحِيَةِ اللِّحْيَةِ، لا يُقَصرُ وَلا يَبْطِشُ بشَىءٍ إِلا كَذَلِكَ. قُلْتُ لِعَطَاءٍ: كَمْ ذُكِرَ لَكَ أَخَّرَهَا النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَتَئِذٍ؟ قَالَ: لا أَدْرِى. قَالَ عَطَاءٌ: أَحَبُّ إِلَىَّ أَنْ أُصَلَّيَهَا، إمَامًا وَخِلْوًا، مُؤَخَّرَةً، كَمَا صَلاهَا النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَتَئِذٍ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْكَ ذَلِكَ خِلْوًا أَوْ عَلَى النَّاسِ فِى الْجَمَاعَةِ، وَأَنْتَ إِمَامُهُمْ فَصَلِّهَا وَسَطًا، لا مُعَجَّلَةً وَلا مُؤَخَّرَةً.

٢٢٦ - (٦٤٣) حدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ - قَالَ

ــ

وقوله: " أعتم بالصلاة " (١): أى أبطأ وأخَّرها حتى كانت عتمة الليل، وهى ظلمته، وبه سُميت العشاء الآخرة عتمة.

وقوله: " على رِسْلكم " بكسر الراء، ويقال: بفتحها، أى على لين من قولكم وتمهل وقلة عجلة، والرِسل الترسل والترسيل اللين من القول.

وقوله: " فخرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كأنى أنظر إليه يقطر رأسه [ماء] (٢) " بيّن أنه إنما أخرَّها لعذر طرأ عليه، ووصفه وضع أطراف أصابعه على قرن رأسه فقال: " ثم صبَّها [يمرها كذلك على الرأس] (٣) " الحديث صفة عصر الماء من الشعر باليد، كذا روايتنا هنا فيه لكافتهم وعند العُذرى: [ثم] (٤) قلبها، ورواه البخارى (٥) ضمها، والأول الصواب بدليل لفظ الحديث.

وقوله: " ثُمَّ على الصُّدْغِ وناحية اللحية لا يُعصر ولا يَبْطُش "، وفى البخارى: " لا يعْصِرُ ولا يبطش " (٦)، فقوله: " لا يعصر " لا يُضادِ ما تقدم، ولعله أراد لا يعصرُه، أى يجمع شعره فى يده بل يشد أصابعه عليه لا غير، وقال بعضهم: معناه: " لا يبطئ " مقابلة لقوله: " ولا يبطش "، وقول مسلم: " لا يُقَصِّر ": أى عن فعله ذلك من إمرار


(١) فى ت: أعتم بالعتمة.
(٢) ساقطة من ت، والعبارة فى المطبوعة: فخرج نبى الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كأنى أنظُرُ إليه الآن، يقطرُ رأسه ماءً.
(٣) فى ت: يمرها على الرأس كذلك قال.
(٤) من ت.
(٥) ك مواقيت الصلاة، ب النوم قبل العشاء لمن غُلِب ١/ ١٤٩.
(٦) وأثبت محقق النسخة الروايتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>