للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لِيَأخُذْ كُلُّ رَجُل بِرَأسِ رَاحِلتِهِ، فَإِنَّ هَذَا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ الشَّيْطَانُ " قَالَ: فَفَعَلْنَا. ثُمَّ دَعَا بِالمَاءِ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ - وَقَالَ يَعْقُوبُ: ثُمَّ صَلَّى سَجْدَتَيْنِ - ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَصَلَّى الغَدَاةَ.

ــ

يتناول قضاؤه إذا خرج وقته أو يحتاج إلى أمر ثان؟ وقال بعض المشايخ: إن قضاء العامد مستفاد من قوله - عليه السلام -: " فليصلها إذا ذكرها "؛ لأنه بغفلته عنها بجهله وعمده كالناسى، ومتى ذكر تركه لها لزمه قضاؤها، واحتج - أيضاً - بعضهم بقوله: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} (١) على أحد التأويلين، وبقوله فى الحديث: " لا كفارة لها إِلا ذلك "، والكفارة إنما تكون من الذنب، والنائم والناسى لا ذنب له، وإنما الذنب للعامد.

وقوله فى رواية أبى حازم عن أبى هريرة: " ثم سجد سجدتين ثم أقيمت الصلاة فصلى الغداة " وكذلك فى حديث أبى قتادة: " فصلى ركعتين ثم صلى الغداة " ولم يذكر ذلك فى حديث ابن شهاب ولا فى حديث عمران بن حصين. وقد اختلف العلماء فيمن فاتته صلاة الصبح، هل يصلى قبلها ركعتى الفجر؟ فذهب أبو حنيفة والشافعى وأحمد وداود إلى الأخذ بزيادة من زاد صلاة ركعتى الفجر فى هذه الأحاديث. وهو قول أشهب، وعلى بن زياد من أصحابنا. ومشهور مذهب مالك: أنه لا يصليها قبل الصبح الفائتة، وهو قول الثورى والليث " أخذاً بحديث ابن شهاب ومن وافقه؛ ولأنها تزاد بصلاة ما ليس بفرض فواتاً، واختلف بعد فيمن نابَه مثل هذا فى وادٍ، وأدركته فيه الصلاة، فذهب بعض العلماء إلى الأخذ بظاهر الحديث، وأنَّ على كل منتبه فى سفرٍ من نوم عن صلاة فاتته بسبب نومه أن يزول عن موضعه، وإن كان واديًا خرج عنه، لأنه موضع مشؤوم ملعون، ولنهيه - عليه السلام - عن الصلاة بأرض بابل فإنها ملعونة (٢).


(١) طه: ١٤.
(٢) أبو داود، ك الصلاة، ب فى المواضع التى لا تجوز فيها الصلاة، عن على بلفظ - " ونهانى أن أصلى فى أرض بابل فإنها ملعونة " ١/ ١١٤. قال الخطابى: فى إسناد هذا الحديث مقال، ولا أعلم أحداً من العلماء حَرَّم الصلاة فى أرض بابل، وقد عارضه ما هو أصح منه، وهو قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " جعلت لى الأرض مسجداً وطهوراً "، ويشبه أن يكون معناه إن ثبت أنه نهاه أن تتخذ أرض بابل وطناً ودارًا للإقامة فتكون صلاته فيها إذا كانت إقامته بها، أو خرج مخرج النهى فيه على الخصوص، ألا تراه يقول: نهانى، ولعل ذلك منه إنذار له بما أصابه من المحنة بالكوفة، وهى أرض بابل، ولم ينتقل أحدٌ من الخلفاء الراشدين قبله من المدينة. بذل المجهود ٣/ ٣٣٨. وقال: وأما كونها ملعونة فلعله لأجل أنه خسف بها أهلها وقد ذكره البخارى ترجمة لباب الصلاة فى مواضع الخسف والعذاب وقال: ويذكر أن عليًا - رضى الله عنه - كره الصلاة بخسف بابل.
قلت: وهو قول الخطابى: فى إسناده مقال، يعنى: سعيد بن عبد الرحمن، قال ابن يونس: روايتُه عن على مرسلة، وما أظنه سمع منه، وقال العجلى: مصرى تابعى ثقة، وذكره ابن حبان فى الثقات.
قال الحافظ فى الفتح: ذكر أهل التفسير والأخبار أن النمرود بن كنعان بنى ببابل بنياناً عظيماً، يقال: إن ارتفاعه كان خمسة آلاف ذراع، فخسف الله بهم ١/ ٦٣١، وانظر: عمدة القارئ ٤/ ١٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>