للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّمْسُ نَزَلَ فَصَلَّى بِنَا الغَدَاةَ، فَاعْتَزَلَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ لَمْ يُصَلِّ مَعَنَا. فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا فُلانُ، مَا مَنعَكَ أَنْ تُصَلىَ مَعَنَا؟ " قَالَ: يَا نَبِىَ اللهِ، أَصَابَتنِى جَنَابَةٌ، فَأَمَرُهُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَيَمَّمَ بِالصَّعِيدِ، فَصَلَّى، ثُمَّ عَجَّلَنِى، فِى رَكْبٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، نَطْلُبُ المَاءَ، وَقَدْ عَطشْنَا عَطَشًا شَدِيدًا. فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ إِذَا نَحْنُ بِامْرَأَةٍ سَادِلَةٍ رِجْلَيْهَا بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ. فَقُلْنَا لَهَا: أَيْنَ المَاءُ؟ قَالَتْ: أَيْهَاهْ، أَيْهَاهْ، لا مَاءَ لَكُمْ. قُلْنَا: فَكَمْ بَيْنَ أَهْلِكِ وَبَيْنَ المَاءِ؟ قَالَتْ: مَسِيرَةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. قُلْنَا: انْطَلِقِى إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَتْ:

ــ

وقوله فى حديث عمران: " أدلجنا ليلتنا " (١): هو سير الليل كله بسكون الدال، والإدِّلاج بكسره وتشديده: سير آخره. وقد تقدم الخلاف فيه وتسوية من سوى بينهما، وتفرقة من فرَّق.

وقوله: " حين بزغت الشمس " (٢): أى حين طلعت، وبزوغها ابتداء طلوعها ومثله بزغت (*) أيضاً.

وقوله: " وكنا لا نوقظ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من نومه (٣) " وذلك لأنه كان يوحى إليه فيه. وفى حديثه تيمم الجنب بالصعيد عند عدم الماء، وقد تقدم الكلام عليه، وقد جاء فى حديث أبى هريرة وأبى قتادة أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ، وفى غيره: " وأنهم توضؤوا " (٤) فإن كان هذا فى ذلك الموطن فلعله لم يبق لهم من الماء ما يغسلوا هذا به، ألا ترى كيف أمر برفع ما بقى من الميضأة، ووصفه بالقلة؟ وإن كان حديث عمران بن حصين هذا غير حديث أبى قتادة، أو لم يكن عندهم من الماء فى هذا الموطن إِلا ما توضأ به النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتيمم غيره، أو لم يكن عندهم ماء جملة إذ لم يذكر فى حديث عمران هذا من رواية العطاردى وضوءاً جملة.

وقوله: " فإذا نحن (٥) بامرأة سادلة رجليها بين مزادتين " كذا عندهم، أى مرسلة مدلية رجليها بينهما، وللعذرى: " سابلةً " والأول الصواب؛ لأنه لا يقال: سبلت إنما يقال: أسبلت (٦)، والمزادتان القربتان، وقيل: المزادة القربة الكبيرة التى تُحملُ على الدابة، سميت بذلك لأنه يزاد فيها جلد من غيرها لتكبر به، مفعلة من ذلك.


(١) لفظها فى المطبوعة: فأدلجنا.
(٢) فى المطبوعة: " حتى بزغت الشمس " وهو الأليق بالسياق.
(٣) فى المطبوعة: من منامه.
(٤) رواية أبى داود والنسائى، أبو داود، ك الصلاة، ب من نام عن صلاة أو نسيها ١/ ١٠١، عن أبى قتادة، والنسائى، ك الإمامة والجماعة، ب الجماعة للفائت من الصلاة ١/ ٢٩٦، عن أبى قتادة عن أبيه، وفى أحمد عن جبير بن مطعم ثم بلفظ: " ثم توضؤوا " ٤/ ٨١.
(٥) الذى فى المطبوعة: " إذا نحن ... ".
(٦) فاسم الفاعل منها مسبلة.
(*) قال معد الكتاب للشاملة: لعلها بزقت "بالقاف"، انظر مشارق الأنوار (١/ ٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>