للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - (...) وحدَّثنى عَلِىُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَن عَائِشَةَ؛ أَنَّ الصَّلاةَ أَوَّلَ مَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ، فَأُقِرَّتْ صَلاةُ السَّفَرِ، وَأُتِمَّتْ صَلاةُ الْحَضَرِ. قَالَ الزُّهْرِىُّ: فَقُلْتُ لِعُرْوَةَ: مَا بَالُ عَائِشَةَ تُتِمُّ فِى السَّفَرِ؟ قَالَ إِنَّهَا تَأَوَّلَتْ كَمَا تَأَوَّلَ عُثْمَانُ.

٤ - (٦٨٦) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيم - قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الآخَرُونَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ - عَنِ ابْنِ

ــ

الشافعى والطبرى: ستة وأربعون ميلاً، وهو أمر متقارب. والتفت هؤلاء إلى ما يسمى سفراً، وقد سمى النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا سفراً فقال: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة " (١)؛ ولأن مسيرة يوم وليلة أو مسيرة اليوم التام لا يمكن لخارج من منزله الرجوع إليه ويبيت ضرورة عنه فخرج عن القرار إلى السفر وهو قول ابن عمر وابن عباس، وقال الكوفيون: لا يقصر فى أقل من مسيرة ثلاثة أيام، وهو قول عثمان وابن مسعود وحذيفة، وقال الحسن وابن شهاب: يقصر فى مسيرة يومين، وحكاه الخطابى، وتأوله على مالك والشافعى وأحمد وإسحاق، وهذا قريب من القول الأول باليوم التام، وباليوم والليلة، وقالت طائفة من أهل الظاهر: يقصر فى كل سفر قصير أو طويل، ولو كان ثلاثة أميال، وهو قول داود فى سفر الطاعة.

وقول عائشة: " فرضت الصلاة ركعتين فأقرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر ". فقد خالف عائشة غيرها من الصحابة فى هذا اللفظ منهم عمر، وابن عباس، وجبير بن مطعم. وأن الفرض فى الحضر أربع وفى السفر ركعتان، وقد ذكره [مسلم] (٢) عن ابن عباس، وقد يجمع بين الحديثين على أن هذا الذى استقر عليه الفرضان، وحديث عائشة على أول الأمر.

وقولها: " فأتمت صلاة الحضر " وفى الرواية الأخرى: " وزيد فى صلاة الحضر " قال الطبرى: يحتمل قول عائشة أن المسافر إن اختار القصر فهو فرضه، وإن اختار التمام فهو فرضه. قال الباجى: يحتمل النسخ؛ لأن زيادة الركعتين فيها يمنع إجزاء الركعتين.

وقولها: " فأقرت صلاة السفر ": أى بقيت على ما كانت قبل النسخ من وجوبها ركعتين وهذا على قول من يقول: إن القصر هو الفرض، وأما من جعله سنة فمعناه: أنها أقل ما يجزئ، لا بمعنى الوجوب، فيكون الوجوب قط فى السفر منسوخ، والقصر فى الحضر منسوخاً وجوبه وجوازه، وهذا على قول من يرى أن الوجوب إذا نسخ بقى الأمرُ على الجواز.


(١) مسلم، ك الحج، ب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره (١٣٣٩/ ٤٢١).
(٢) فى الأصل: لمسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>