للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، حَتَّى رَجَعَ. قُلْتُ: كَمْ أَقَامَ بِمَكَّةَ؟ قَالَ: عَشْرًا.

(...) وحدَّثناه قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ. ح وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، جَمِيعًا عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمِثْلِ حَدِيثِ هُشَيْمٍ.

ــ

وقوله: " خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المدينة إلى مكة فصلى ركعتين ركعتين حتى رجع، قلت: كم أقام بمكة؟ قال: عشراً "، قال الإمام: اختلف الناس فى الإقامة التى إذا نواها المسافر صار (١) فى حكم المستوطن، ما هى؟ فقال ربيعة: يوم وليلة، وقيل: أربعة أيام بلياليها، وهو مذهب مالك وغيره، وقيل: اثنا عشر [يوماً] (٢)، وقيل خمسة عشر [يوماً] (٣)، وقيل: سبعة عشر، فوجه قول ربيعة: أنه لما كان ذلك الأمر حداً للسفر المبيح للقصر والفطر كان حدّاً للإقامة وللاستيطان، ووجه القول الأول بالأربعة: أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أباح للمهاجر أن يقيم بمكة بعد [قضاء] (٤) نسكه ثلاثاً، والمهاجرون لا يستوطنون مكة، فدل على أن الثلاثَ حكمها حكم السفر، لا الاستيطان، والخلاف الذى هو بقية الأقوال انبنى على الخلاف فى مدة مقامه - عليه السلام - بمكة عام الفتح، ومقامه فى حصاد الطائف.

قال القاضى: بقول مالك قال جماعة من العلماء، الشافعى وأبو ثور ومحمد بن على ابن حنين (٥) والحسن بن صالح (٦)، على خلاف عن هذين، وروى مثله عن عطاء وسعيد بن المسيب، واختلف عن سعيد فى ذلك، فروى عنه إذا أقام خمسة عشر [يوماً] (٧) أتم، وهو قول الكوفيين، وروى عن ابن عمر وابن عباس، وروى عن سعيد [أنه] (٨) إذا أقام ثلاثة أتم، وقال الليث: إذا زاد على خمسة عشر أتم، ويقصُر فى خمسة عشر، وقال الأوزاعى: إذا أقام ثلاثة عشر أتم، وروى عن ابن عمر: إذا أقام اثنى عشر أتم.

وذهب أحمد وداود إلى أنه يتم فيما زاد على أربعة أيام، ويقصر فى الأربعة فدونه، وروى عن أحمد يقصر إذا نوى إدامة إحدى وعشرين صلاة، ويتم فيما زاد، اعتماداً على


(١) فى ع: كان.
(٢) و (٣) من ع.
(٤) ساقطة من ت.
(٥) كذا فى الأصل، وفى ت: حين، ولعله محمد بن على بن حين المخزومى بن الحسينى، كان من فقهاء قرطبة، مات سنة عشر وأربعمائة. ترتيب المدارك ٨/ ٢٢.
(٦) ابن صالح، الإمام الكبير، أحدُ الأعلام، أبو عبد الله الهمدانى الكوفى، أحد أئمة الإسلام، وإن كان الثورى سيئَ الرأى فيه لقوله بترك الجمعة والجهاد خلف أئمة الجور، وقال أبو نعيم: ما كان دون الثورى فى الورع والقوَّة، وقال فيه الذهبى: كان من أئمة الاجتهاد. مات سنة تسع وستين ومائة. التاريخ الكبير ٢/ ٢٩٥، ميزان ١/ ٤٩٦، سير ٧/ ٣٦١.
(٧) من س.
(٨) من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>