للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٠ - (...) وحدّثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ وَعَوْنُ بْنُ سَلَّامٍ، جَمِيعًا عَنْ زُهَيْرٍ، قَالَ ابْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ. حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا بِالْمَدِينَةِ، فِى غَيْرِ خَوْفٍ وَلا سَفَرٍ.

ــ

وفى حديث ابن عمر وعلى بن حسين أن الجمع مقتضاه مع ارتفاع جد السير، لقوله: " إذا عجل به السير "، " إذا أراد أن يسير يومه "، " وإذا أراد أن يسير ليله ".

وأفاد حديث ابن عباس ومعاذ فى الكتاب الرخصة، ورفع الحرج وهو يدل على جواز ما فعل من ذلك. وأفاد حديث أنس فى الكتاب صلاة الأولى فى وقت الأخرى لمشقة النزول لحلول وقت الأولى، وأنه إن رحل بعد حلول وقت الأولى صلاها وترك الصلاة الأخرى لنزوله فيصليهما جميعاً لوقتهما، وظاهره أن نزوله فى وقت الآخرة. وأفاد حديث معاذ فى كتاب أبى داود بيان صورة الجمع واختلاف أحواله ومضمونه ضم إحدى الصلاتين إلى الأخرى وصلاته كل واحدة فى وقت الأخرى (١)، وهذه هى حقيقة الرخصة والتخفيف. وموضع خلاف العلماء، على أنه لا وجه للخلاف ولا يجوز مع صحة الآثار بذلك وتظاهرها وهو مضمون حديث ابن عمر وفعله فى كتاب مسلم، واحتجاجه بأن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفعله، وأنه كان يؤخر المغرب حتى يصليها مع العشاء.

وأفادت أحاديث الجمع بعرفة عند الزوال أن الرحيل إذا كان عند دخول وقت الصلاة الأولى، وكان السير مستمراً والنزول بعد خروج وقت الآخرة أن يكون الجمع فى وقت الأولى [إذ لا نزول لهم فى وقت الآخرة] (٢).

وأفاد جمع مزدلفة أن الصلاة الأولى إذا حانت والمسافر على ظهر ونزوله قبل خروج وقت الآخرة أن يكون الجمع فى وقت الآخرة؛ لأن الشمس تغيب عليهم وهم ركبان عاملين (٣) عملهم ونزولهم قبل، وهو من معنى حديث أنس ومعاذ فنزَّل بعض شيوخنا مسألة الجمع على مفهوم هذه الأحاديث، فإذا زالت الشمس وهو فى المنهل ويعلم أنه إذا رحل لم ينزل إلا بعد الغروب جمع فى أول وقت الظهر على ظاهر حديث معاذ، وإن كان نزوله قبل الاصفرار لم يجمع وصلى الأولى وأخر الآخرة حتى ينزل، على ظاهر حديث أنس، وإن زالت الشمس وهو على ظهر وكان نزوله قبل الاصفرار أخرهما حتى ينزل وجمعهما على مقتضى حديث معاذ.

واختلف إذا كان نزوله بعد الاصفرار وقبل الغروب، وإن كان نزوله بعد الغروب


(١) وذلك فيما أخرجه عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخَّرَ الظهر إلى وقت العصر، ثم نزل يجمع بينهما، فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلَّى الظهر ثم ركب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ك الصلاة، ب الجمع بين الصلاتين ١/ ٢٧٨.
(٢) من هامش الأصل، س، ولعلها تفسيرية.
(٣) فى س: عاملون.

<<  <  ج: ص:  >  >>