للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الليل والنهار مثنى مثنى " (١) فكيف وقد جاء الحديث من رواية ابن وهب، وفيه: " يُسَلِّم من كل ركعتين " (٢)، فقطع بالمتأولين والمتعسفين.

قال الإمام: واختلف فى العدد الذى يجمع بين الركعات فى صلاة النافلة من غير فصل، فقال مالك: لا يُجمع أكثر من ركعتين، وقال أبو حنيفة: يُصلى اثنتين إن شاء، أو أربعاً، أو ستاً أو ثمانياً، ولا يزيد على الثمانِ، واعتمد مالك على حديث مثنى مثنى، وعلى حديث ابن عباس حين بات عند خالته ميمونة (٣) وقدم ذلك على غيره من الأحاديث لما ترجح به عنده من مصاحبة العمل. وغير ذلك، واحتج المخالف للاثنين بهذه الأحاديث، وللأربع بما وقع فى حديث عائشة [- رضى الله عنها - أنها قالت: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى الضحى أربعاً] (٤) ربما فى صلاته - عليه السلام - فى الليل [وكذلك حديث أم هانئ فى الثمان، ومالك قد يحمل ذلك على أنه كان يسلم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من كل ركعتين ليس فى الأحاديث التصريح بأنه لم يسلم، ويحتج - أيضاً - المخالف فى نفيه المذكور بما فى حديث عائشة - رضى الله عنها - الذى فى الكتاب من صلاته - عليه السلام - فى] (٥) الليل سبعاً


(١) أبو داود، ك الصلاة، ب فى صلاة النهار ١/ ٢٩٧، والترمذى، أبواب الصلاة، ب ما جاء أن صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ٢/ ٤٩١، وابن ماجة، ك إقامة الصلاة والسنة فيها، ب ما جاء فى صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ١/ ٤١٩، وكذلك أخرجه ابن خزيمة فى صحيحه، ك الصلاة، ب التسليم فى كل ركعتين من صلاة التطوع ٢/ ٢١٤، كما أخرجه أحمد فى المسند ٢/ ٢٦، ٥١؛ جميعاً عن ابن عمر، قال أبو عيسى: اختلف أصحابُ شعبة فى حديث ابن عمر، فرفعه بعضهم وأوقفه بعضهم، والصحيح ما روى عن ابن عمر أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " صلاة الليل مثنى مثنى ". وقد أخرج ابن عبد البر من حديث مضر بن محمد قال: سألت يحيى بن معين عن صلاة الليل والنهار فقال: صلاة النهار أربعاً لا يفصل بينهن، وصلاة الليل ركعتين، فقلت له: أن أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، فقال: بأى حديث؟ فقلت: بحديث شعبة عن يعلى بن عطاء عن على الأزدى عن ابن عمر: أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " صلاة الليل والنهار مثنى مثنى " فقال: ومن على الأزدى حتى أقبل منه هذا؟ أدَعُ يَحيى بن سعيد الأنصارى عن نافع عن ابن عمر أنه كان يتطوَّع بالنهار أربعاً لا يفصل بينهن، وآخذ بحديث الأزدى، لو كان حديث الأزدى صحيحاً لن يخالفه ابن عمر. قال يحيى: وقد كان شعبة ينفى هذا الحديث، وربما لم يرفعه.
وقال ابن عبد البر: قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صلاة الليل مثنى مثنى " كلام خرج على جواب السائل كأنه قال له: يا رسول الله، كيف تصلى بالليل؟ فقال: " مثنى مثنى "، ولو قال له بالنهار جاز أن يقول كذلك أيضاً مثنى مثنى، وما خرج على جواب السائل فليس فيه دليل على ما عداه وسكت عنه؛ لأنه جائز أن يكون مثله، وجائز أن يكون بخلافه. التمهيد ١٣/ ٢٤٦.
(٢) يقصد القاضى ابن وهب فى موطئه، وذلك فيما أخرجه فيه عن عمرو بن الحارث ويونس بن يزيد وابن أبى ذئب عن ابن شهاب، عن عروة عن عائشة: وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى أن ينصدِع الفجر إحدى عشرة ركعة يسلم من كل اثنتين، ويوتر بواحدة، ويمكث فى سجوده قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه. راجع التمهيد ٨/ ١٢٣.
(٣) سيرد ان شاء الله فى باب الدعاء، وقد أخرجه البخارى فى أكثر من موضع.
(٤) و (٥) من المعلم، وحديث صلاته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سبعاً: أخرجه البخارى، ك التهجد، ب كيف كان صلاة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكم كان النبى يصلى من الليل ٢/ ٦٤، وحديث صلاته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سبعاً وثمانياً: أخرجه البخارى كذلك، ك المواقيت، ب وقت المغرب ١/ ١٤٧، والتهجد، ب من لم يتطوع بعد المكتوبة ٢/ ٧٣، والنسائى، ك المواقيت، ب الوقت الذى يجمع فيه المقيم ١/ ٣٤٠، ب الجمع بين الصلاتين فى الحضر ١/ ٢٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>