للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والذكر فيها أفضل من صلاة النهار وعمله، إذ لم يُجعل له هذه الفضيلة إلا لغلبة نومه [عليه] (١)، وقد ذكر مالك فى موطئه عنه - عليه السلام -: " ما من امرئ يكون له صلاة من الليل فغلبه عليها نوم إلا كتب له أجرُ صلاته، وكان نومه عليه صدقة " (٢)، وهذا أتم فى التفضل ومجازاته بنيته، وهذا لمن كانت عادته ذلك، وظاهره أن له أجرَه كاملاً كما لو عمله؛ لأن الله حبسه عنه، وقد جاءت بهذا ظواهر أحاديث كثيرة، ولهذا أجاز مالك لهذا أن يصليه بعد طلوع الفجر وكان ذلك الوقت عنده وقت ضرورة، لما فاته من نوافل الليل، كقيامه، ووتر ليله، وهو لا يجيز التنفُّل بعد طلوع الفجر، ولا يصلى حينئذ إلا الفجر، وهو قول جماعة من الصحابة والعلماء للأثر الوارد فى ذلك، وروى عن الحسن وطاوس وعطاء إجازة ذلك مطلقاً، وروى عن مالك - أيضاً - إجازة ما خف من ذلك كالست ركعات ونحوها. قال بعض شيوخنا: وقال بعضهم: يحتمل أن يكون آخرها غيرَ مضاعف بعشرٍ بخلاف إذا عملها، إذ الذى يصليها أكمل أجراً أو يكون له أجرٌ بنيته أو أجر من يتمنى أن يصلى تلك الصلاة أو أجر تأسفه على ما فاته منها، والأول أظهر، لاسيما مع قوله: " وكان نومه عليه صدقة "، فلو نقصه النوم من الأجر لم تكن صدقة، بل كان مانعاً له من خير ومفَتِّراً فى أجور الفضائل، والأجور ليست على قياس، وإنما هى [بفضل من الله] (٣) بما شاء على من شاء كيف شاء. وهذا الحديث ممّا تتبعه الدارقطنى على مسلم فقال: رواه جماعة سماهم مسنداً، كما ذكره مسلم، ورواه ابن المبارك عن يونس موقوفاً، وكذلك رواه معمر عن الزهرى عن عروة عن عبد الرحمن بن عبد القارى، وكذلك رواه مالك عن داود عن الأعرج عن عبد الرحمن بن عبد القارى عن عمر موقوفاً (٤).


(١) من س.
(٢) ك صلاة الليل، ب ما جاء فى صلاة الليل ١/ ١١٧.
(٣) من س، وما فى الأصل: بفضل الله.
(٤) الإلزامات والتتبع ٢٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>