للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِى المَسْجِدِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَصَلَّى بِصَلاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنَ القَابِلَةِ، فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ: " قَدْ رَأَيْتُ الَّذِى صَنَعْتُمْ، فَلَمْ يَمْنَعْنِى مِنَ الخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلا أَنِّى خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ ".

قَالَ: وَذَلِكَ فِى رَمَضَانَ.

١٧٨ - (...) وحدَّثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى يُونسُ ابْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ؛ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ؛ أَنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَصَلَّى فِى المَسْجِدِ، فَصَلَّى رِجَالٌ بِصَلاتِهِ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ يَتَحَدَّثُونَ بِذَلِكَ، فَاجْتَمَعَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ، فَصَلَّوْا بِصَلاتِهِ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ يَذْكُرُونَ ذَلِكَ، فَكَثُرَ أَهْلُ المَسْجِدِ مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَخَرَجَ فَصَلَّوْا بِصَلاتِهِ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ المَسْجِدُ عَنْ أَهْلِهِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَطَفَقَ رِجِالٌ مِنْهُمْ يَقُولُونَ: الصَّلاةَ. فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى خَرَجَ

ــ

وذكر مسلم قيام النبى - عليه السلام - بالناس فى رمضان، وأنه لم يخرج إليهم فى الليلة الثالثة لما كثروا، وقال: " خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها " فيه دليل على جواز الجمع للنوافل عامة ولجمع رمضان خاصة، لكن كره أهل العلم الجمعَ للنوافل مشهراً وعلى التوالى إلا قيام رمضان، فلم يختلفوا فى استحباب الجمع فيه، قالوا: وفيه جواز الائتمام ممن لم ينو أن يؤمك، وهذا جائز إلا فى الصلوات المشروط فيها الجماعة بكل حال؛ كالجمعة، وصلاة الخوف، والجمع بين الصلاتين لعذر المطر وشبيهه، وتركه - عليه السلام - الخروج والتجمع ليس بنسخ ولا رفض لما تقدم، بل للعلة التى ذكرها من خشية الفريضة عليهم فيعجِزوا عنها، لاسيما على القول: إنها كانت عليه هو فريضة، فخشى - عليه السلام - إن داموا عليها أن تفرض عليهم، رفقاً بهم، وكان بالمؤمنين رؤوفاً رحيماً كما قالت عائشة فى حديث سبحة الضحى. قال القاضى أبو بكر بن الطيب: ويحتمل أن يكون - عليه السلام - ظن ذلك وحذره من قبل نفسه لما قد اتفق من بعض القرب التى داوم عليها، ويحتمل أن يريد بذلك أنه خاف أن يظن أحد من أمته بعده - إذا داوم عليها - أنها واجبة، وهذه كلها مأمونة بعد النبى - عليه السلام.

قال القاضى: والتأويل الأول هو الصحيح، وهذا التأويل الآخر يبعد مع قوله: " خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها ".

<<  <  ج: ص:  >  >>