للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ سَلَمَةُ: حَدَّثَنِيهَا كُرَيْبٌ، فَحَفِظْتُ مِنْهَا ثِنَتَىْ عَشْرَةَ، وَنَسِيتُ مَا بَقِىَ. قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللهُمَّ، اجْعَلْ لِى فِى قَلْبِى نُورًا، وَفِى لِسَانِى نُورًا، وَفِى سَمْعِى نُورًا، وَفِى بَصَرِى نُورًا، وَمِنْ فَوْقِى نُورًا، وَمِنْ تَحْتِى نُورًا، وَعَنْ يَمِينِى نُورًا، وَعَنْ شِمَالِى نُورًا، وَمِنْ بَيْنِ يَدَىَّ نُورًا، وَمِنْ خَلْفِى نُورًا، واجْعَلْ فِى نَفْسِى نُورًا، وَأَعْظِمْ لِى نُورًا ".

١٩٠ - (...) وحدَّثنى أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنِى شَرِيْكُ بْنُ أَبِى نَمِرٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّهُ قَالَ: رَقَدْتُ فِى بَيْتِ مَيْمُونَةَ لَيْلَةَ كَانَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهَا؛ لأَنْظُرَ كَيْفَ صَلاةُ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ. قَالَ: فَتَحَدَّثَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَهْلِهِ سَاعَةً ثُمَّ رَقَدَ، وَسَاقَ الحَدِيثَ. وَفِيهِ: ثُمَّ قَامَ فَتَوَضَّأَ وَاسْتَنَّ.

١٩١ - (...) حدّثنا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ حُصيْنِ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِى ثَابِتٍ، عَنْ مُحَمَّدُ بْنِ عَلِىِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ،

ــ

منها عنه ولا يطغى، وقيل: يحتمل أن يكون المراد بالنور هنا فى أعضائه: قوتها بالحلال الذى منه قوامها، وأن القلب يصلح بأكل الحلال، وتحسن معه الأخلاق، وينشرح له الصدر، ويصفو الخاطر، وينصقل الفهم، وأكل الحرام ضد هذا. وفى قوله فى بعض روايات هذا الحديث: " فتحدث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع أهله ساعة، ثم رقد " دليل على جواز هذا (١) مع الأهل، وفيما يحتاج إليه، وفى العلم، وللمسافر، والعروس، ومع الضيف والنهى الوارد فيه إنما هو من أجل التغرير بتطويله حتى يضرب النوم على الإنسان فتفوته صلاة الصبح أو القيام لحزبه إن كان من أهله، ومخافة ما يعتريه من الكسل بالنهار عن عمل البر وسبل الخير بسبب سهر الليل؛ ولأن عادة العرب إنما كان جل حديثها فى أبنيتها بالليل لبرد الهواء وحرِّ بلادها بالنهار، وشغلها فى طرفيه بالعادات والضيفان وقد تقدم من هذا وحديث زيد بن خالد فى قيام النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاث عشرة ركعة من نحو حديث ابن عباس، وفى ارتقابه صلاته - عليه السلام - وقوله فى غير الأم: " فتوسدت عتبته ": يحتمل أن هذا كان فى حين سمعه قام يصلى لا قبل ذلك لقربه منه، بحيث كان يمكن سماعه لغير ذلك من أمور ما ينهى عن التحسس والتجسس فيه، ويكره الاطلاع عليه، وأما ترقبه لصلاته وشبيهها فهو من التجسس المحمود الذى لا حرج فيه.


(١) يعنى السمر بعد العشاء، والذى أخرجه الشيخان والترمذى وأحمد عن أبى برزة الأسلمى قال: " كان النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكره النَّوم قبل العشاء والحديث بعدها " الترمذى أبواب الصلاة، ك المواقيت، ب ما جاء فى كراهية النوم قبل العشاء والسَّمَرِ بعدها ١/ ٣١٣، وأحمد فى المسند ٤/ ٤٢٠، ٤٢٣، ٤٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>