للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحَقّ، وَوَعْدُكَ الحَقُّ، وَقَوْلُكَ الحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ. اللَّهُمَّ، لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ

ــ

قال القاضى: لا معنى لهذا، والكل له طائع منيب، قال الله تعالى: {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِين} (١).

وقوله: " أنت الحق ": الحق من أسماء الله تعالى، قيل: معناه: المتحقق وجوده وكل شىء صحّ كونه ووجوده فهو حقٌّ، ومنه {الْحَاقةُ} (٢) أى الكائنة حقاً بغير شك، ومنه قوله بعد هذا: " لقاؤك حق، والجنة حقٌّ، والنار حقٌّ " وقد يحتمل أن يكون المراد أن الخبر عنه حقٌّ أى صدق وقيل: يكون بمعنى ذى الحق، وقيل: بمعنى محق الحق وقيل: يحتمل فى هذا الحديث أن يكون معناه: أنت الحق دون غيرك ممَّن يدعى المشركون (٣) إلهيته، كما قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِل} (٤)، ويعود هذا المعنى إلى أن القول بأنك إلهٌ حق، أى صدق، وفى غيرك باطل وكذب.

وقوله: " ووعدك حق ": يحتمل أنه راجع إلى ما جاء بعده وقوله: " ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق " فهو من وعد الله تعالى، قال الله تعالى: {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَق} (٥)، ويكون هنا بمعنى كائن ولازم، ويصح أن يكون بمعنى أن الخبر عنه صدق، [وقد] (٦) يحتمل أن يكون الوعد هنا ما وعد به أولياءه من الثواب وحسن الجزاء، وما أعده من العقاب والشقاء، كما قال: {جَنَّات عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ} (٧)، ويكون حق بمعنى صدق كما قال: {إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا} (٨) و {إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَاد} (٩)، إلا أن يتفضل بالعفو عن من شاء.

وقوله: " ولقاؤك حقٌّ ": يعنى الموت، ويحتمل أنه البعث.

وقوله: " اللهم لك أسلمت ": أى استسلمت وانقدتُ لأمرك ونهيك " وبك آمنت ": أى صدقت وجاء هنا التفريق بين الإيمان والإسلام، وقد تقدم الكلام عليه أول الكتاب.

وقوله: " وإليك أنبت ": أى أطعتُ ورجعت إلى عبادتك، والإقبال على ما يقرب إليك، والإنابة: الرجوع، وقيل: إليك رجعت فى أمرى بمعنى توكلت واستعنت.


(١) فصلت: ١١.
(٢) الحاقة: ١.
(٣) فى س: من المشركون، وهو خطأ.
(٤) الحج: ٦٢.
(٥) يونس: ٥٥، لقمان: ٣٣، فاطر: ٥، غافر: ٥٥، ٧٧، الأحقاف: ١٧.
(٦) ساقطة من ق.
(٧) و (٨) مريم: ٦١.
(٩) آل عمران: ٩، الرعد: ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>