للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَمَمْتُ أَنْ أَجْلِسَ وَأَدَعَهُ.

(...) وحدَّثناه إِسْمَاعِيلُ بْنُ الخَلِيلِ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ مُسْهِرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.

ــ

وفى هذا الحديث: ما كان من تطويل النبى - عليه السلام - صلاة النافلة بالليل، وحجةُ لمن يرى طول القيام أفضل (١).

وقوله: " يقرأ مُتَرسِّلاً، إذا مرَّ بآية تسبيح (٢) سبَّح، وإذا مرَّ بسؤالٍ سأل " الحديث، فيه حكم آداب القرآن فى الصلاة وغيرها، واستعمال حدود كتاب الله وتقديمه هنا النساء على آل عمران حجة لمن يقول: إن ترتيب السور اجتهاد من المسلمين حين كتبوا المصحف لم يكن ذلك من تحديد النبى - عليه السلام - وإنما وكله إلى أمته بعده وهو قول جمهور العلماء، وهو قول مالك واختيار القاضى أبى بكر الباقلانى وأصح القولين عنده، مع احتمالها. قال: والذى نقوله: إن تأليف السور ليس بواجبٍ فى الكتابة ولا فى الصلاة، ولا فى الدرس ولا فى التلقين والتعليم، وإنه لم يكن من الرسول فى ذلك نص واحد لا يحل تجاوزه، فلذلك اختلفت تأليفات المصاحف قبل مصحف عثمان، واستجاز النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والأمة بعده فى سائر الأعصار ترك الترتيب للسور فى الصلاة والدرس والتلقين والتعليم، وعلى قول من يقول من أهل العلم: إن ذلك توقيف من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعلى ما حده ورسمه لهم حسب ما استقر فى مصحف عثمان، وأن موجب اختلاف المصاحف قيل فى الترتيب، إنما كان قبل التوقيف وعلى ما جاء هنا كانت هاتان السورتان فى مصحف أبىّ، ولا خلاف أنه يجور للمصلى فى الركعة الثانية أن يقرأ بسورة قبل التى صلى بها فى الأولى، أو إنما يقع الكراهة بذلك فى ذلك فى ركعة واحدة أو لمن يتلو القرآن وقد أجاز هذا بعضهم وتأول نهى من نهى من السلف عن قراءة القرآن، مُنَكِّسًا أن يقرأ من آخر السورة آية بعد آية إلى أولها كما يفعل من يُظهر قوة الحفظ، ولا خلاف أن تأليف كل سورة وترتيب آياتها توقف من الله تعالى على ما هى عليه الآن فى المصحف، وعلى ذلك نقلته الأمة عن نبيها - عليه السلام.

وقوله: " فجعل يقول فى ركوعه: سبحان ربى العظيم، وفى سجوده: سبحان ربى الأعلى ": يحتج به الكوفيون والأوزاعى والشافعى، ومن قال بقولهم فى اختيار هذا القول فى الركوع والسجود للأثر الوارد فى الأمر بذلك ولم يوجبوه، ومالك لم يحد فى الذكر


(١) أى من كثرة السجود كما مَرَّ قريباً.
(٢) الذى فى المطبوعة: بآية فيها تسبيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>