للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٢٣ - (٧٨٧) وحدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ. قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ

ــ

يقرَبَ الصلاة من لا يعقلها، ويؤديها على حقها، وأن يتفرغ من كل ما يشغل عن الخشوع فيها، وقيل فى قوله تعالى: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى} (١) أنه من النوم، والحديث عام فى كل صلاة من الفرض والنفل، وحمله مالك على صلاة الليل، وفى هذا الباب أدخله، وعليه جملة جماعة من العلماء، لأنه غالب غلبة النوم إنما هى فى الليل، ومن اعتراه ذلك فى الفريضة وكان فى الوقت سعة، لزمه أن يفعل مثل ذلك وينام، حتى يتفرغ للصلاة، وإن ضاق الوقت عن ذلك صلى على ما أمكنه وجاهد نفسه ودافع النوم عنه جهده، ثم إن تحقق أنه أداها [وعقلها] (٢) أجزأته وإلا أعادها (٣).

قال الإمام: يحتج بهذا الحديث على من يرى أن [نعس] (٤) النوم ينقض الطهارة كالحدث؛ لأنه لم يعلل بانتقاض الطهارة وإنما علل (٥) بأنه يسب نفسه، وقد اختلف الناس فى هذه المسألة، فقال المزنى: النوم ينقض الطهارة، قلَّ أو كثُر وذكر عن بعض الصحابة أنه لا ينقض الطهارةَ على أى حال كان، وغير هذين من العلماء (٦) يقول: ينقض على صفةٍ وما هذه الصفة؟ أبو حنيفة يراعى الاضطجاع، ومالك يراعى حالةً يغلب على الظن خروجُ الحدث فيها ولا يشعر، وما وقع بين أصحابه من مراعاة ركوع أو سجود أو استثقال أو غير ذلك فإنما هو خلاف فى حالٍ، فبعضهم رأى تلك الحالة لا تُشعر بالحدث معها، وبعضهم لم يرها، وأصل الفقه ما قلناه.

قال القاضى: قوله: " نعس ": النعاس هو خفيف النوم، قال الشاعر:

وسنانُ أقصَدَه النعاسُ فرنَّقتْ ... فى عينِه سنةٌ وليس بنائمٍ

استدل بعضهم بقوله: " لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه "، ومعنى " يسب نفسه " عندى هنا: الدعاءُ عليها؛ لأنه إذا ذهب يستغفر ويدعو لنفسه وهو لا يعقل ربما قلب الدعاء فدعا على نفسه.


(١) النساء: ٤٣. والقول قول الضحاك، وهو مخالف للجمهور. راجع: تفسير القرطبى ٥/ ٢٠١.
(٢) ساقطة من س.
(٣) ليس للإمام كلام فى هذا.
(٤) من المعلم.
(٥) فى المعلم: قال.
(٦) فى المعلم: الفقهاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>