للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلاتِهِمْ فَيَخْتِمُ بِـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد}، فَلَمَّا رَجَعُوا ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: " سَلُوهُ: لأَىِّ شَىْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ ". فَسَأَلُوهُ. فَقَالَ: لأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللهَ يُحِبُّهُ ".

ــ

الإمام: البارى تعالى لا يوصف بالمحبة (١) المعهودة فينا؛ لأنه يتقدس عن أن يميل أو يمال إليه، وليس بذى جنس أو طبع فيوصف بالشوق الذى تقتضيه الجنسية والطبيعة البشرية، وإنما معنى محبته سبحانه للخلق (٢): إرادته ثوابهم وتنعيمهم، على رأى بعض أهل العلم، وعلى رأى بعضهم: أن المحبة راجعة إلى نفس الإثابة والتنعيم لا للإرادة. ومعنى محبة المخلوقين له: إرادتهم أن ينعمهم ويحسن إليهم.

قال القاضى: أما محبة المخلوقين لله فلا يبعد فيها الميل؛ لأن الميل يصح منهم له تعالى عنه، وقد قيل: محبتهم له استقامتهم على طاعته، وقد قيل: بل هذا من الخلق ثمرة المحبة، وأن حقيقتها الميل إلى ما يوافق الإنسان، إما لاستلذاذه بإدراكه بحواسه الظاهرة، كمحبة الأشياء الجميلة والمُسْتَلَذَّة والمستحسنة، أو بحاسة عقله، كمحبته الفضلاءِ وأهل المعروف والعلم وذوى السير الحسنة، أو لمن يناله إحسان وإفضال من قِبله، والله تعالى فى جلاله وعظيم سلطانه وبهاء نوره وجلال ملكه وجسيم إحسانه وإنعامه حقيق ألا يحب سواه، وأن تحار العقول والأبصار فى جمال ملكوته وجدوته تعالى عن الأنداد والأشباه.


(١) عند القاضى: بالصفة، والمثبت من المعلم.
(٢) فى المعلم: للمخلوق.

<<  <  ج: ص:  >  >>