للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقْرَأُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هَكَذَا أُنْزِلَتْ ". ثُمَّ قَالَ لِىَ: " اقْرَأ ". فَقَرَأت. فَقَالَ: " هَكَذَا أُنْزِلَتْ، إِنَّ هَذَا القُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ".

ــ

الجأش طيب النفس.

وقول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هكذا أنزلت " [تجويز] (١) وتصويبه (٢) قراءته، وأمره لعمر بعده بالقراءة لئلا يكون الخطأ والغلط منه، فلما قرأ قال له أيضاً: " هكذا أنزلت " وصوَّب قراءته ثم بين - عليه السلام - كيفية نزولها بهذا الاختلاف بقوله: " إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسَّر منه تيسيراً على الأمة فى تلاوته، وهذا كله يدل أن هشاماً لم يخالف عمر فى جميع حروف السورة وإنما خالفه فى بعضها، كما أن السبعة أحرف ليست فى جميع الكلمات، وإنما هى فى بعض القرآن لا جميعه (٣).

واختلف فى معنى قوله: " سبعة أحرف ": فقيل: هو حصر للعدد، وهو قول الأكثر، وقيل: توسعة وتسهيل لم يقصد به الحصر، ثم اختلفوا ما هذه السبعة؟ فمنهم من جعلها فى المعانى، كالوعد والوعيد، والمحكم والمتشابه، والحلال والحرام، والقصص والأمثال والأحكام والأمر والنهى، ثم اختلف هؤلاء فى تعيين هذه السبعة منها ومنهم من جعلها فى صورة التلاوة ومنحنى النطق بكلماتها، من إدغام وإظهار، وتفخيم، وترقيق وإمالة ومدٍّ؛ لأن العرب كانت مختلفة اللغات والكلام فى هذه الوجوه، فيسَّر عليهم القراءة ليقرأ كلُّ إنسان بما وافق لغته، وسهل على لسانه (٤)، ومنهم من جعلها فى الألفاظ والحروف، وإليه أشار ابن شهاب فى الأم، ويحتج هؤلاء باستزادة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لجبريل وأنه لم يزل يستزيده حتى انتهى إلى سبعةِ أحرف، وأن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأ بجميعها. قالوا: وهذا


(١) ساقطة من س.
(٢) فى هامش س: تصويباً.
(٣) وعلى ذلك فليست السبع حروف بسبع لغات؛ لأن عمر بن الخطاب قرشى عدوى وهشام بن حكيم بن حزام قرشى أسدى، ومحال أن ينكر عليه عمر لغته، كما محال أن يقرئ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واحداً منهما بغير ما يعرفه من لغته. حكاه أبو عمر ثم قال: إنما معنى السبعة الأحرف سبعة أوجه من المعانى المتفقة المتقاربة بألفاظ مختلفة، نحو أقبل، وتعال، وهلم، وعلى هذا الكثير من أهل العلم. التمهيد ٨/ ٢٨١.
(٤) وتفسير الأحرف باللهجات أو لغات العرب ما بين مضرية وربعية، ونزارية وقرشية وغيرها، هو الذى اختاره ابن جرير الطبرى، وكثيرون من الرواة، قال الشيخ أبو زهرة: وهو الذى يتفق مع النسق التاريخى فى الجمع الذى اضطر ذو النورين عثمان - رضى الله تعالى عنه - لأن يقوم به، وارتضاه الصحابة.
قال: ولقد ذكر القرطبى أن هذه الأحرف باقيةٌ في القرآن لم ينسخ منها حرف، ولكنى أرى أن النسق التاريخى يوجب أن يكون حرف واحد قد بقى، وهو لغة قريش، وهو الذى كتب عثمان مصحفه عليه. المعجزة الكبرى ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>