للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلا إِذْ كُنْتُ فِى الجَاهِلِيَّةِ. فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَدْ غَشِيَنِى ضَرَبَ فِى صَدْرِى، فِفِضْتُ عَرَقًا، وَكَأَنَّمَاَ أَنْظُرُ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَرَقًا، فَقَالَ لِى: " يَا أُبَىُّ، أُرْسِلَ إِلَىَّ: أَنِ اقْرَأ القُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ، فَرَدَدْتُ إِلَيْهِ: أَنْ هَوِّنْ عَلَى أُمَّتِى، فَرَدَّ إِلَىَّ الثَّانِيَةَ: اقْرَأهُ عَلَى حَرْفَيْنِ، فَرَدَدْتُ إِلَيْهِ. أَنْ هَوِّنْ عَلَى أُمَّتِى، فَرَدَّ إِلَىَّ الثَّالِثَةَ: اقْرَأهُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَلَكَ بِكُلِّ رَدَّةٍ رَدَدْتُكَهَا مَسْأَلُةٌ تَسْأَلُنِيهَا، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ، اغْفِرْ لأُمَّتِى. اللَّهُمَ، اغْفِرْ لأُمَّتِى، وَأَخَّرْتُ الثَّالِثَةَ لِيَوْمٍ يَرْغَبُ إِلَىَّ الخَلْقُ كُلُّهُمْ، حَتَّى إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

(...) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنِى إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى خَالِدٍ، حَدَّثَنِى عَبْدُ اللهِ بْنُ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى، أَخْبَرَنِى أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ؛ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا فِى المَسْجِدِ، إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى، فَقَرَأَ قِرَاءَةً، وَاقْتَصَّ الحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ.

٢٧٤ - (٨٢١) وحدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ. ح وَحَدَّثَنَاهُ

ــ

مستقرٌّ، فوجب لأجل هذا أن يحمل على أبىٍّ ما قلناه.

قال القاضى: وقوله: " فضرب (١) - يعنى النبى عليه السلام - فى صدرى، ففضت عرقاً وكأنما أنظر إلى الله فرَقاً " ثم ذكر الحديث. ضربه فى صدره تنبيهاً (٢) له لما رأى أنه قد غشيه من الخاطر والدهشة التى ظهرت عليه، يقال: فضت عرقاً، وفصت عرقاً، بالضاد والصاد، وقال أبو مروان بن سراج وأنشد:

إذا الجياد فضن بالمسيح

وروايتنا هاهنا بالمعجمة.

ومعنى قوله: " سقط فى نفسى ": أى اعترته حيرة ودهشة. قال الهروى فى قوله تعالى: {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِم} (٣) أى ندموا وتحيروا. يقال للنادم المتحير على فعل فعله: سُقط فى يده، واسقِط، وهو كقوله: قد حصل فى يده من هذا مكروه.

وقوله: " ولا إذ كنت فى الجاهلية ": يعنى الخاطر الذى نزغ به الشيطان له من


(١) الذى فى المطبوعة: ضرب.
(٢) فى الأصل: تنبيهه، ونقلها النووى: تثبتاً، وفى الأبى: تثبيت، والمثبت من س.
(٣) الأعراف: ١٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>