للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنْ أَهْلِ العِراقِ. قَالَ: مِنْ أَيُّهِمْ؟ قُلْتُ: مِنْ أَهلِ الكُوفَةِ. قَالَ: هَلْ تَقْرَأُ عَلَى قَرَاءَةِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ؟ قَالَ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَاقْرَأ: {وَاللَّيْلَ إِذَا يَغْشَى} قَالَ فَقَرَأتُ: " وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى ". قَالَ: فَضَحِكَ ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَؤُهُا.

(...) وحدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنِى عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَن عَامِرِ، عَنْ عَلْقَمَةَ. قَالَ: أَتَيْتُ الشَّامَ فَلَقِيتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ. فَذَكَرَ بِمثْلِ حَدِيثِ ابْنِ عُلَيَّةَ.

ــ

نعم، وذكر قراءته " والذَّكَر والأنْثَى " (١) [فضحك ثم قال: " هكذا سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرؤها " وفى بعض طرقه: " ولكن هؤلاء يريدون أن أقرأ] (٢): وما خلق [ولا أتابعهم] (٣) "، قال الإمام: يجب أن يعتقد فى هذا الخبر وفيما (٤) سواه مما هو بمعناه مما جعله الملحدة طعناً فى القرآن ووهناً فى نقله أنَّ ذلك كان قرآناً ثم نسخ، ولم يعلم بعض من خالف بالنسخ فبقى على الأول، ولعل هذا إنما يقع من بعضهم قبل أن يتصل به مصحف عثمان - رضى الله عنه - المجمع عليه المحذوف منه كل منسوخ [قرئ به] (٥).

وأما بعد ظهور مصحف عثمان - رضى الله عنه - واشتهاره فلا يظن بأحدٍ منهم أنه أبدا فيه خلافاً، وأما ابن مسعود - رحمه الله - فقد رويت عنه روايات كثيرة، منها ما لم يثبت عند أهل النقل وما ثبت منها مما يخالف ظاهر ما قلناه، فإنه محمول على أنه كان يكتب فى مصحفه القرآن، ويلحق به من بعض الأحكام والتفاسير ما يعتقد أنه ليس بقرآن، ولكن لم ير تحريم ذلك عليه، ورأى أنها صحيفة يثبت فيها ما شاء، وكان من رأى عثمان والجماعة منع ذلك لئلا يتطاول الزمان، وينقل عنه القرآن فيخلط به ما ليس منه فيعود الخلاف إلى مسألة فقهية، وهى (٦) جواز إلحاق بعض التفاسير بأثناء المصحف أو منع ذلك، ويحمل (٧) أيضاً ما روى من إسقاط المعوذتين من مصحفه على أنه اعتقد أنه لا يلزمه أن يكتب كل ما كان من القرآن، وإنما يكتب منه ما كان له فيه غرض، وكأنَّ المعوذتين لقصرهما وكثرة دورهما فى الصلاة والتعوَّذ بهما عند سائر الناس اشتهرت، فذلك اشتهار يستغنى معه عن إثبات ذلك فى المصحف.


(١) فى س: وما خلق الذكر والأنثى.
(٢) من المعلم والمطبوعة من الحديث، واختصرها القاضى إلى: وإنكاره قراءة وما خلق.
(٣) من المعلم، ولفظها فى المطبوعة: ولا أتابعهم.
(٤) فى س: ومما.
(٥) فى المعلم، س: قراته.
(٦) فى الإكمال: وهو، والمثبت من المعلم.
(٧) فى الإكمال: ويحتمل، والمثبت من المعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>