للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْدِىُّ، قَال سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ يَقُول: مَا رَأَيْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يُفْصِحُ بِقَوْلِهِ: كَذَّابٌ إِلا لِعَبْدِ القُدُّوسِ، فَإِنِّى سَمِعْتُهُ يَقُول لهُ كَذَّابٌ.

وَحَدَّثَنِى عَبْدُ الله بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِىُّ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ، وَذَكَرَ المُعَلى بْنَ عُرْفَان. فَقَالَ: قَال: حَدَّثَنَا أَبُو وَائِلٍ قَال: خَرَجَ عَليْنَا ابْنُ مَسْعُودٍ بِصِفِّينَ، فَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: أَتُرَاهُ بُعِثَ بَعْدَ المَوْتِ؟.

حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلىٍّ وَحَسَنٌ الحُلوَانِىُّ، كِلاهُمَا عَنْ عَفَّانَ بْنِ مُسْلمٍ، قَال: كُنَّا عِنْدَ إِسْمَاعِيل بْنِ عُليَّةَ، فَحَدَّثَ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ. فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا ليْسَ بِثَبْتٍ. قَال: فَقَالَ الرَّجُل: اغْتَبْتَهُ. قَال إِسْمَاعِيل: مَا اغْتَابَهُ. وَلكِنَّهُ حَكَمَ: أَنَّهُ ليْسَ بِثَبْتٍ.

وَحَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الدَّارِمِىُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: سَأَلتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذِى يَرْوِى عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيّبِ؟ فَقَالَ: ليْسَ بِثِقَةٍ. وَسَأَلتُهُ

ــ

أحداً لا يسلم من مثل هذا، فإذا تكرَّر هذا منه سقطت به شهادته، وكذلك لا يسقطها كذبُه فيما هو من باب التعريض أو الغلو فى القول، إذ ليس بكذب على الحقيقة وإن كان فى صورة الكذب، لأنه لا يدخل تحت حدّ الكذب ولا يُريد المتكلم به الإخبارَ عن ظاهر لفظه، وقد قال عليه السلام: " أما أبو جهم فلا يضَعُ عصَاه عن عاتقه " (١). وقال إبراهيم عليه السلام: " هذه أختى " (٢) وقد أشار مالك- رحمه الله- لنحو هذا.

وذكر مسلم عن بقية بن الوليد أنه يكنى الأسامى (٣)، ويسمى الكنى. هذا نوع من التدليس، فإذا فعله صاحبه فى الضعفاء ليوهم أمرهم على الناس فهو قبيح، لأنه يُلبَّس بذلك ويخيَّل أن ذلك الراوى ليس هو ذاك الضعيف لتركه اسمه أو كنيته التى عُرِف بها واشتهر بها، ويُسميه أو يكنيه بما لا يُعرف به، فيخرجه إلى حد الجهالة من حَدّ المَعرفة بالجرحة والترك، فيرفع (٤) رتبته عن الاتفاق (٥) إلى الخلاف أو عن القطع على طرح حديثه المتروك إلى المسامحة فى رواية حديث المجهول، وأشد منه أن يكنى الضعيف أو يسميه بكنية الثقة أو اسمه لاشتراكهما فى ذلك، وشهرة الثقة بذلك الاسم أو الكنية، فهذا الباب مما يقدح فى فاعله، وسنزيد الكلام فيه بسطاً (٦) فى فصل التدليس. ولهذا كان


(١) سبق قريباً.
(٢) يشير إلى ما سيأتى إن شاء الله فى كتاب الفضائل من قول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لم يكذب إبراهيم النبى عليه السلام قط إلا ثلاث كذبَات، ثنتين فى ذات الله ... وواحدة فى شأن سارة ".
(٣) فى ت: الأسماء.
(٤) فى ت: يرفع.
(٥) فى الأصل: الإيقاف.
(٦) فى ت: بيانا.

<<  <  ج: ص:  >  >>