للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ أَبِى مَالِكٍ الأَشْجَعِىِّ، عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. وَعَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيفَةَ، قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَضَلَّ اللهُ عَنِ الْجُمُعَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا، فَكَانَ لِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ، وَكَان لِلنَّصَارَى يَوْمُ الأَحَدِ، فَجَاءَ اللهُ بِنَا، فَهَدَانَا اللهُ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَجَعَلَ الْجُمُعَةَ وَالسَّبْتَ وَالأَحَدَ. وَكذَلكَ هُمْ تَبَعٌ لَنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، نَحْنُ الآخِرُونَ من أَهْلِ الدُّنْيَا، وَالأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الْمَقْضِىُّ لَهُمْ قَبْلَ الْخَلائِقِ ". وَفِى رِوَايَةِ وَاصِلٍ: الْمَقْضِىُّ بَينَهُمْ.

٢٣ - (...) حدّثنا أَبُو كُرَيْبٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِى زَائِدَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَارِقٍ، حَدَّثَنِى رِبْعِىُّ بْنُ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيَفْةَ، قَالَ " قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هُدِينَا إِلىَ الْجُمُعَةِ وَأَضَلَّ اللهُ عَنْهَا مَنْ كَانَ قَبْلَنَا " فَذَكَرَ بِمَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ فُضَيْلٍ.

ــ

كان فيه فراغ الخلق، وظنَّت ذلك فضيلةً توجب تعظيم اليوم، وعظَّمت النصارى الأحد، لما كان فيه ابتداء الخلق (١)، فاعتقدت ذلك اليوم، واتبع المسلمون الوحى والشرع الوارد بتعظيم يوم الجمعة، فعظَّموه.

قال القاضى: قال بعضهم: فيه حجة أنَّ الجمعة فرض، وقال بعض المشايخ ما معناه: إنه ليس فى الحديث دليلٌ أَنَّ يوم الجمعة فُرِض عليهم تعيينه، فتركوه لأنه لا يجوز لأحد أن يترك فرضًا فرض عليه، والظاهر أنه فرض عليهم يوم الجمعة يعظمونه بغير تعيين (٢)، ووكل إلى اختيارهم (٣) تعينه ليقيموا فيه شريعتهم، فاختلف اجتهادهم ولم يهدهم الله ليوم الجمعة، وذكره لهذه الأمة وبيَّنه لهم ولم يكله إلى - اجتهادهم، ففازوا بفضيلته.

وقد جاء فى بعض الأخبار أَنَّ موسى أمرهم بالجمعة فأخبرهم بفضلها، فناظروه أن السبت أفضل، فقال له الله: دعهم وما اختاروا. وقد يستدل على هذا بقوله: " هذا يوم الجمعة الذى كتبه الله علينا، هدانا الله له وفى الآخر: " فهدانا الله لما اختلفوا فيه من الحق " ولو كان منصوصًا عليه لم يصح اختلافهم. بل كان يقول: خالفوا فيه (٤).

وقوله فى سند هذا الحديث: نا محمد بن رافع، نا عبد الرزاق، كذا للجماعة، وعند الهوزنى: محمد بن رمح (٥)، نا عبد الرزاق.


(١) فى ع: الخليقة.
(٢) فى الأصل: تغيير.
(٣) نقلها النووى: اجتهادهم.
(٤) قال النووى بعدها: ويمكن أن يكون أمروا به صريحاً ونص على عينه فاختلفوا فيه، هل يلزم تعيينه أم لهم إبداله؟ وأبدلوه، وغلطوا فى إبداله ٢/ ٥٠٧ ولا وجه له.
(٥) هو أيضًا من شيوخ مسلم، حكى عن مالك وروى عن مسلمة بن على الخشنى وابن لهيعة وغيرهم، وعنه مع مسلم ابن ماجه وعبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>